كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 5)

"""""" صفحة رقم 7 """"""
سوف يشكوني إلى الرشيد ، وسوف يسأل من حضر عما جرى فيخبرونه ، فتلافيت ذلك بأن قلت : إنك تظن أن الخلافة تصير إليك ، فلا تزال تتهددني بذلك وتعاديني كما تعادي سائر أولياء أخيك حسداً له ولولده على الأمر وأنت تضعف عنه وعنهم ، وتستخف بأوليائهم تشفياً ، وأرجو ألا يخرجها الله من الرشيد وولده ، وأن يقتلك دونها . فإن صارت إليك - والعياذ بالله تعالى من ذلك - فحرامٌ علي حينئذٍ العيش والموت أطيب من الحياة معك ، فاصنع حينئذٍ ما بدا لك قال : فلما خرج الرشيد وثب إبراهيم بين يديه وقال : يا أمير المؤمنين ، شتمني إسحاق وذكر أمي واستخف بي . فغضب وقال لي : ويلك ما تقول ؟ قلت : لا أعلم ، فسل من حضر . فأقبل على مسرورٍ وحسين فسألهما عن القصة فجعلا يخبرانه ووجهه يربد إلى أن انتهيا إلى ذكر الخلافة فسرى عنه ورجع لونه ، وقال لإبراهيم : لا ذنب له ، شتمته فعرفك أنه لا يقدر على جوابك ، ارجع إلى موضعك وأمسك عن هذا . فلما انفض المجلس وانصرف الناس أمر الرشيد بألا أبرح . وخرج كل من حضر حتى لم يبق غيري ، فساء ظني وهمتني نفسي . فأقبل علي وقال : يا إسحاق ، أتراني لم أفهم قولك ومرادك قد والله زنيته ثلاث مرات أتراني لا أعرف وقائعك وأقدامك وأين ذهبت ويلك لا تعد حدثني عنك لو ضربك إبراهيم أكنت أقتص لك منه فأضربه وهو أخي يا جاهل أتراه لو أمر غلمانه فقتلوك أكنت أقتله بك فقلت : والله يا أمير المؤمنين ، قد قتلني هذا الكلام ، وإن بلغه ليقتلني ، وما أشك أنه قد بلغه الآن . فصاح بمسرورٍ وقال له : علي بإبراهيم فأحضر ، وقال لي : قم فانصرف . فقلت لجماعة من الخدم - وكلهم كان لي محباً وإلي مائلاً ولي مطيعاً - : أخبروني بما يجري ، فأخبروني من غد أنه لما دخل عليه وبخه وجهله وقال له : أتستحف بخادمي وصنيعتي وابن خادمي وصنيعتي وصنيعة أبي في مجلسي وتقدم علي وتستخف بمجلسي وحضرتي هاه هاه هاه وتقدم على هذا وأمثاله وأنت مالك وللغناء وما يدريك ما هو ومن أخذك به وطارحك إياه حتى تتوهم أنك تبلغ منه مبلغ إسحاق الذي غذي به وعلمه وهو من صناعته ثم تظن أنك تخطئه فيما لا تدريه ، ويدعوك إلى إقامة الحجة عليه فلا تثبت لذلك وتعتصم

الصفحة 7