كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 5)
"""""" صفحة رقم 70 """"""
حكى أبو الفرج عن أحمد بن جعفر جحظة قال : كتب المعتضد إلى عبيد اله ابن عبد الله بقم أن يأمر جاريته ساجي بزيارته ففعل . قال جحظة : فحدثني من حضر ذلك المجلس من المغنيات قالت : دخلت علينا وما فينا إلا من ترفل في الحلي والحلل وهي في أثوابٍ ليست كأثوابنا فاحتقرناها ، فلما غنت احتقرنا أنفسنا ، ولم تزل تلك حالنا حتى صارت في أعيننا كالجبل وصرنا كلا شيء . ولما انصرفت أمر لها المعتضد بمالٍ وكسوةٍ . ودخلت إلى مولاها فجعل يسألها عن خبرها وما رأت مما استظرفت وسمعت واستغربت ، فقالت : ما استحسنت هناك شيئاً ولا استغربته من غناءٍ ولا غيره إلا عوداً من عود محفوراً فإني استظرفته . قال جحظة : فما قولك فيمن تدخل إلى دار الخليفة ولا تمد عينها إلى شيءٍ تستظرفه وتستحسنه إلا عوداً قالوا : وكان المعتضد إذا استحسن شيئاً بعث به إلى ساجي فتغني فيه . وكانت صنعتها في عصره تسمى غناء الدار . وماتت ساجي في حياة مولاها وكان عليلاً ، فرثاها ببيتين فقال :
يميناً يقيناً لو بليت بفقدها . . . وبي نبض عرقٍ للحياة وللكنس
لأوشكت قتل النفس قبل فراقها . . . ولكنها ماتت وقد ذهبت نفسي
ذكر أخبار دقاق
قال أبو الفرج : كانت دقاق مغنيةً محسنةً متقنة الأداء والصنعة جميلة الوجه . أخذت الغناء عن أكابر مغني الدولة العباسية . وكانت ليحيى بن الربيع ، فولدت له ابنه أحمد . ومات يحيى فتزوجت بعده بعدةٍ من القواد والكتاب فماتوا وورثتهم ، ثم