كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 5)
"""""" صفحة رقم 72 """"""
في انقباضٌ وحشمةٌ فإذا . . . صادفت أهل الوفاء والكرم
أرسلت نفسي على سجيتها . . . وقلت ما قلت غير محتشم
فسأل : لمن الصنعة ؟ فقيل : لقلم الصالحية جارية صالح بن عبد الوهاب . فبعث إلى محمد بن عبد الملك الزيات فأحضره وسأله : من صالح بن عبد الوهاب ؟ فأخبره . قال : وأين هو ؟ قال : ببغداد . قال : ابعث وأشخصه وليحضر معه جاريته قلم . فكتب في إشخاصهما ، فقدما على الواثق ، فدخلت عليه ، فأمرها بالجلوس والغناء ، فغنت فاستحسن غناءها وأمر بابتياعها . فقال صالح : أبيعها بمائة ألف دينارٍ وولاية مصر . فغضب الواثق من ذلك وردها إليه . ثم غنى بعد ذلك زرزر الكبير في مجلس الواثق بشعرٍ الغناء فيه لها ، فقال الواثق : لمن هذا الغناء ؟ فقال : لقلم الصالحية ، فبعث لابن الزيات بإشخاصها ففعل ، فدخلت على الواثق فأمرها بالغناء ، فغنته من صنعتها فأعجبه غناؤها ، وبعث إلى صالح فأحضره وقال له : إني قد رغبت في هذه الجارية فاستم في ثمنها سوماً يجوز أن تعطاه . فقال : أما إذا وقعت الرغبة فيها من أمير المؤمنين فما يجوز أن املك شيئاً له فيه رغبة ، وقد أهديتها إلى أمير المؤمنين ، فإن من حقها علي إذا تناهيت في قضائه أن أصيرها ملكه ، فبارك الله له فيها . فقال الواثق : قد قبلتها ، وأمر ابن الزيات أن يدفع إليه خمسة آلاف دينار ، وسماها اعتباطا . فلم يعطه ابن الزيات المال ومطله به ، فوجه إلى قلمٍ من أعلمها بذلك ، فغنت الواثق صوتاً وقد اصطبح ، فقال لها : بارك الله فيك وفيمن رباك . فقالت : يا سيدي وما نفع من رباني مني إلا التعب والغرم والخروج مني صفرا فقال : أو لم نأمر له بخمسة آلاف دينار ؟ قالت : بلى ولكن ابن الزيات لم يعطه شيئاً . فدعا بخادمٍ من خاصة الخدم ووقع إلى ابن الزيات بحمل خمسة آلاف الدينار إليه وبخمسة آلافٍ أخرى معها . قال صالح : فصرت مع الخادم إليه فقربني وقال : أما