كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 5)
"""""" صفحة رقم 73 """"""
خمسة الآلاف الأولى فقد حضرت ، وخمسة الآلاف الأخرى أنا أدفعها إليك بعد جمعة . قال : فقمت ، ثم تناساني كأنه لم يعرفني . فكبت إليه أقتضيه ، فبعث إلي : اكتب لي قبضاً بها وخذها بعد جمعة . فكرهت أن أكتب إليه قبضاً فلا يحصل لي شيء . قال : فاستترت في منزل صديقٍ لي . فلما بلغه استتاري خاف أن أشكوه إلى الواثق ، فبعث إلي بالمال وأخذ كتابي بالقبض . قال : فابتعت بالمال ضيعةً وتعلقت بها وجعلتها معاشي ، وقعدت عن عمل السلطان ، فما تعرضت لشيءٍ بعدها .
ذكر أخبار بصبص جارية ابن النفيس
قال أبو الفرج : كانت جاريةً من مولدات المدينة حلوة الوجه حسنة الغناء ، قد أخذت عن الطبقة الأولى من المغنين . وكان يحيى بن نفيسٍ مولاها صاحب قيان ، يغشاه الأشراف ويسمعون غناء جواريه . ثم اشتريت للمهدي ، وهو ولي عهد ، بسبعة عشر ألف دينار . وقيل : إنها ولدت له علية بنت المهدي وقيل : أم علية غيرها . قال : وكان عبد الله بن مصعب بن ثابت بن عبد الله بن الزبير يأتيها فيسمع منها ، وكان يأتيها فتيان قريشٍ فيسمعون منها . فقال عبد الله بن مصعب حين قدم المنصور منصرفاً إلى الحج ومر بالمدينة يذكر بصبص :
أراحلٌ أنت أبا جعفرٍ . . . من قبل أن تسمع من بصبصا
هيهات أن تسمع منها إذا . . . جاوزت العيس بك الأعوصا
فخذ عليها مجلسي لذةٍ . . . ومجلساً من قبل أن تشخصا
أحلف بالله يميناً ومن . . . يحلف بالله فقد أخلصا
لو أنها تدعو إلى بيعةٍ . . . بايعتها ثم شققت العصا فبلغ الشعر أبا جعفرٍ المنصور ، فغضب ودعاه ، فقال : أما إنكم يا آل الزبير قديماً ما قادتكم النساء وشققتم معهن العصا ، حتى صرت أنت آخر الحمقى تبايع المغنيات فدونكم يا آل الزبير هذا المرتع الوخيم .