كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 5)
"""""" صفحة رقم 77 """"""
وقد روى أبو الفرج الأصفهاني في خبر يزيد بن عون هذا بسندٍ رفعه إلى عبد الحمن بن مقرون أنه اجتمع هو وروح بن حاتم عند ابن رامين ، وان الزرقاء خرجت عليهم في إزارٍ ورداءٍ قهويين موردين ، كأن الشمس طالعةٌ بين رأسها وكعبها . قال : فغنتنا ساعة ، ثم جاء الخادم الذي كان يأذن لها - وكان الإذن عليها دون مولاها - فقام على الباب وهي تغني ، حتى إذا قطعت الغناء نظرت إليه فقالت : مه قال : يزيد بن عون العبادي الصيرفي الملقب بالماجن على الباب . قالت : ائذن له . فلما استقبلها طفر ثم أقعى بين يديها ، فوجدت والله له ، ورأيت أثر ذلك ، وتنوقت تنوقاً خلاف ما كان تفعل بنا . فأدخل يده في ثوبه فأخرج لؤلؤتين فقال : انظري يا زرقاء ، جعلت فداك ثم حلف أنه نقد فيهما بالأمس أربعين ألف درهم . قال : فما أصنع بك ؟ قال : أردت أن تعلمي . فغنت صوتاً ثم قالت : يا ماجن هبهما لي قال : إن شئت والله فعلت . قال : قد شئت . قال : فاليمين التي حلفت بها لازمةٌ لي إن أخذتهما إلا بشفتيك من شفتي . فقال ابن رامين للغلام : ضع لي ماءً ثم خرج عنا ، فقالت : هاتهما . فمشى على ركبتيه وكفيه وهما بين شفتيه وقال : هاك ، فلما ذهبت تتناولهما جعل يصد عنها يميناً وشمالاً ليستكثر منها ، فغمزت جاريةً على رأسها ، فخرجت كأنها تريد حاجةً ثم عطفت عليه ، فلما دنا وذهب ليروغ دفعت منكبيه وأمسكتهما حتى أخذت الزرقاء اللؤلؤتين بشفتيها من فمه ورشح جبينها عرقاً حياءً منا . ثم تجلدت علينا فأقبلت عليه وقالت : المغبون في استه عود . فقال : فأما أنا فلا أبالي ، والله لا يزال طيب هذه الرائحة في أنفي وفمي ما حييت .
قال : واجتمع عند ابن رامين معن بن زائدة وروح بن حاتم وابن المقفع . فلما تغنت الزرقاء وسعدة بعث معن فجيء ببدرةٍ فصبها بين يديها ، وبعث روح فجيء