كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 5)
"""""" صفحة رقم 78 """"""
ببدرةٍ فصبها بين يديها ، ولم تكن عند ابن المقفع دراهم ، فبعث فجاء بصك ضيعةٍ ، وقال : هذه عهدةٌ ضيعتي خذيها ، فأما الدراهم فما عندي منها شيء . وشربت زرقاء دواءً فأهدى لها ابن المقفع ألف دراجة .
وعن إسحاق بن إبراهيم قال : كان روح بن حاتم بن المهلب كثير الغشيان لمنزل ابن رامين ، وكان يختلف إلى الزرقاء ، وكان محمد بن جميل يهواها وتهواه ، فقال لها : إن روح بن حاتم قد ثقل علينا . قال : فما أصنع وقد غمر مولاي ببره قال : احتالي له . فبات عندهم روح ليلةً ، فأخذت سراويله وهو نائمٌ فغسلته . فلما أصبح سأل عنه ، فقالت : غسلناه . فظن أنه أحدث فيه فاحتيج إلى غسله فاستحيا من ذلك فانقطع عنهم ، وخلا وجهها لابن جميل .
ذكر أخبار عنان جارية الناطفي
قال أبو الفرج الأصفهاني : كانت عنان مولدةً من مولدات اليمامة ، وبها نشأت وتأدبت ، واشتراها الناطفي ورباها . وكان صفراء جميلة الوجه شكلةً مليحة الأدب والشعر سريعة البديهة ، وكان فحول الشعراء يساجلونها ويعارضونها فتنتصف منهم . ولها مع أبي نواسٍ الحسن بن هانئ وغيره من الفضلاء والشعراء ماباةٌ ومراجعات ، نذكر منها طرفا .
قال أبو الحبش : قال لي الناطفي : لو جئت إلى عنان فطارحتها فعزمت على الغدو إليها ، وبت ليلتي أحوك بيتين ، ثم غدوت عليها فأنشدتها :
أحب الملاح البيض قلبي وربما . . . أحب الملاح الصفر من ولدا الحبش
بكيت على صفراء منهن مرةً . . . بكاءً أصاب العين مني بالعمش