كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 5)

"""""" صفحة رقم 81 """"""
فقال عباس :
لو تجودين لصبٍ . . . راح ذا وجدٍ شديد
وأخي جهلٍ بما قد . . . كان يجني بالصدود
ليس من أحدث هجراً . . . لصديقٍ بسديد
ليس منه الموت إن لم . . . تصليه ببعيد
قال : فقلت للعباس : ويحك ما هذا الأمر ؟ قال : أنا جنيت على نفسي بتتايهي عليها . فلم أبرح حتى ترضيتها له .
وقال الأصمعي : بعثت إلي أم جعفر أن أمير المؤمنين قد لهج بذكر هذه الجارية عنان ، فإن صرفته عنها فلك حكمك . قال : فكنت أربع لأن أجد للقول فيها موضعاً فلا أجده ولا أقدم عليه هيبةً له ، إذ دخلت يوماً فرأيت في وجهه أثر الغضب فانخزلت . فقال : مالك يا أصمعي ؟ قلت : رأيت في وجه أمير المؤمنين أثر الغضب ، فلعن الله من أغضبه فقال : هذا الناطفي ، والله لو لا أني لم أجر في حكمٍ قط متعمداً لجعلت على كل جبلٍ منه قطعة ومالي في جاريته من رأب غير الشعر . قال الأصمعي : فذكرت رسالة أم جعفر فقلت : أجل ، والله ما فيها غير الشعر ، أفيسر أمير المؤمنين أن يجامع الفرزدق فضحك حتى استلقى . واتصل قولي بأم جعفر فأزجلت لي الجائزة . وقال يعقوب بن إبراهيم : طلب الرشيد من الناطفي جاريته ، فأبى أن يبيعها بأقل من مائة ألف دينار . فقال الرشيد : أعطيك مائة ألف دينارٍ على أن تأخذ الدينار بسبعة دراهم ، فامتنع عليه ، فأمر أن تحمل إليه . فذكروا أنها دخلت مجلسه في هيئتها ، فقال الرشيد ويلك إن هذا قد اعتاص علي في أمرك . فقالت : ما منعك أن توفيه وترضيه ؟ فقال : ليس يقنع بما أعطيه ، وأمرها بالانصراف . فتصدق الناطفي حين رجعت إليه بثلاثين ألف درهم . فلم تزل في قلب الرشيد حتى مات مولاها . فلما

الصفحة 81