كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 5)

"""""" صفحة رقم 82 """"""
مات بعث الرشيد مسروراً الخادم ، فأخرجها إلى باب الكرخ وأقامها على سريرٍ وعليها رداءٌ سندي قد جللها ، فنودي عليها فيمن يزيد بعد أن شاور الفقهاء فيها ، فقالوا : هذه كبدٌ رطبة وعلى الرجل دين ، فأشاروا بيعها . وكانت تقول وهي على المصطبة : أهان الله من أهانني وأرذل من أرذلني فوكزها مسرورٌ بيده . وبلغ بها مسرورٌ مائتي ألف درهم ، فجاء رجلٌ فقال : علي زيادة خمسةٍ وعشرين ألف درهم ، فوكزه مسرور وقال : أتزيد على أمير المؤمنين فبلغ بها مائتين وخمسين ألف درهم وأخذ مالها . قال : ولم يكن فيها عيبٌ يعاب ، فطلبوا لها عيباً لا تصيبها العين ، فأوقعوا بخنصر رجلها في ظفره شيئاً . قال : وأولدها الرجل الذي اشتراها ولدين ، ثم خرج بها إلى خراسان فمات هناك وماتت بعده .
ذكر أخبار شارية جارية إبراهيم بن المهدي
قال أبو الفرج : كانت شارية مولدةً من مولدات البصرة . يقال : إن أباها كان من بني سامة بن لؤي المعروفين ببني ناجية ، وإنه جحدها . وكانت أمها أمة ، فدخلت في الرق . وقيل : وإن أمها كانت تدعي أنها بنت محمد بن زيد من بني سامة ابن لؤي ، وقيل : إنها أنها كانت تدعي أنها من بني زهرة ، وقيل : بل سرقت فبيعت ، فاشترتها امرأةٌ من بني هشامٍ فأدبتها وعلمتها الغناء ، ثم اشتراها إبراهيم بن المهدي ، فأخذت عنه غنائه كله أو أكثره . وبذلك يحتج من يقدمها على عريبٍ ويقول : إن إبراهيم خرجها ، وكان يأخذها بصحة الأداء لنفسه وبمعرفة ما يأخذها به ، ولم تلق عريب ذلك ، لأن المراكبي لم يكن يقارب إبراهيم في العلم ولا يقاس به في بعضه فضلاً عن سائره .
قال : ولما عرضتها مولاتها الهاشمية للبيع ببغداد عرضت على إسحاق بن إبراهيم الموصلي فأعطى فيها ثلاثمائة دينار ، ثم استغلاها بذلك ولم يردها . فجئ بها إلى إبراهيم بن المهدي فساوم بها ، فقالت له مولاتها : إن إسحاق بن إبراهيم أعطى بها ثلاثمائة دينارٍ وأنت أحق بها . فقال : زنوا لها ما قالت فوزن لها . ثم دعا بقيمته فقال : خذي هذه الجارية ولا تزينيها سنةً ، وقولي للجواري يطرحن عليها . فلما كان بعد سنةٍ أخرجت إليه ، فنظر إليها وسمع منها ، فأرسل إلى إسحاق بن إبراهيم ، فلما أتاه أراه إياها وأسمعه غناءها ، وقال : هذه جاريةٌ تباع ، فبكم تأخذها لنفسك ؟ قال إسحاق : آخذها بثلاثة آلف دينارٍ وهي رخيصةٌ بها . فقال له إبراهيم : أتعرفها ؟ قال :

الصفحة 82