كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 5)

"""""" صفحة رقم 83 """"""
لا . قال : هذه الجارية التي عرضتها الهاشمية بثلاثمائة دينارٍ فلم تقبلها . فعجب إسحاق من حالها وما صارت إليه .
وقد حكي عن هبة الله بن إبراهيم بن المهدي أنها عرضت ببغداد على إبراهيم فأعجب بها إعجاباً كبيراً ، فلم يزل يعطى بها حتى بلغت ثمانية آلاف درهم . قال : ولم يكن عند أبي درهم ولا دانق ، فقال لي : ويحك قد والله أعجبتني هذه الجارية إعجاباً شديداً ، وليس عندي شيءٌ . فقلت له : بع ما تملكه حتى الخزف وتجمع ثمنها . فقال لي : قد تذكرت في شيءٍ ، اذهب إلى علي ابن هشام فأقرئه مني السلام ، وقل له : قد عرضت علي جاريةٌ وقد أخذت بمجامع قلبي ، وليس عندي شيء ، فأحب أن تقرضني عشرة آلاف درهم . فقلت : إن ثمنها ثمانية آلاف درهم ، فلم نكثر على الرجل بعشرة آلاف درهم فقال : إذا اشتريتها بثمانية آلاف درهم فليس لنا بدٌ من أن نكسوها ونقيم لها ما تحتاج إليه . قال : فصرت إلى علي بن هشام وأبلغته الرسالة ، فدعا بوكيلٍ له وقال : ادفع إلى خادمه عشرين ألف درهم ، وقل له : أنا لا أصلك ، ولكن هي لك حلالٌ في الدنيا والآخرة . قال : فصرت إلى أبي بالدراهم ، فلو طلعت عليه بالخلافة لم تكن تعدل عنده تلك الدراهم . قال : وكانت أمها خبيثة ، وكانت كلما لم يعط إبراهيم ابنتها ما تشتهي ذهبت إلى عبد الوهاب بن علي ، ودفعت إليه رقعةً يوصلها إلى المعتصم تسأله أن تأخذ ابنتها من إبراهيم . وحكي عن يوسف بن إبراهيم المصري صاحب إبراهيم بن المهدي أن إبراهيم وجه به إلى عبد الوهاب بن علي في حاجةٍ كانت له . قال : فلقيته وانصرفت من عنده ، فلم أخرج من دهليز عبد الوهاب حتى استقبلتني امرأةٌ ، فلما نظرت في وجهي سترت وجهها ، فأخبرني شاكريٌ أن المرأة أم شارية جارية إبراهيم . فبادرت إلى إبراهيم وقلت له : إني رأيت أم شارية في دار عبد الوهاب ، وهي من تعلم ، وما يفجؤك إلا حيلةٌ قد أوقعتها . فقال لي : اشهد أن جاريتي شارية صدقةٌ على ميمونة بنت إبراهيم بن المهدي ، ثم أشهد ابنه هبة الله على مثل ما أشهدني ، وأمرني بالركوب إلى ابن أبي دواد وإحضار من قدر عليه من الشهود المعدلين عنده ، فأحضر

الصفحة 83