كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 5)
"""""" صفحة رقم 84 """"""
أكثر من عشرين شاهداً . وأمر بإخراج شارية فأخرجت . فقال لها : استري وجهك ، فجزعت عن ذلك ، فأعلمها أنما أمرها بذلك لخيرٍ يريده لها ففعلت . فقال لها : تسمي ، فقالت : أنا أمتك . فقال لهم : تأملوا وجهها ففعلوا . ثم قال : فإني أشهدكم أنها حرةٌ لوجه الله تعالى ، وأني قد تزوجتها وأصدقتها عشرة آلاف درهم ، يا شارية أرضيت ؟ قالت : نعم يا سيدي ، قد رضيت ، والحمد لله تعالى على ما أنعم به علي . فأمرها بالدخول ، وأطعم الشهود وطيبهم وانصرفوا . قال : فما أحسبهم تجاوزوا دار ابن أبي دواد حتى دخل علينا عبد الوهاب بن علي ، فأقرأ عمه سلام المعتصم ، ثم قال له : يقول لك أمير المؤمنين : من المفترض علي طاعتك وصيانتك من كل ما يسوءك ، إذ كنت عمي وصنو أبي . وقد رفعت امرأةٌ إلى قصةً ذكرت فيها أن شارية ابنتها ، وأنها امرأةٌ من قريش من بني زهرة ، واحتجت بأنه لا تكون بنت امرأة من قريش أمة . فإن كانت هذه المرأة صادقةً في أن شارية بنتها ، وأنها من بني زهرة ، فمن المحال أن تكون شارية أمة . والأشبه بك والأصلح إخراج شارية من دارك وتصيرها عند من تثق به من أهلك ، حتى يكشف عما قالته هذه المرأة . فإن ثبت ذلك أمرت من جعلتها عنده بإطلاقها ، وكان في ذلك الحظ لك في دينك ومروءتك . وإن لم يصح ذلك أعيدت الجارية إليك وقد زال عنك القول الذي لا يليق بك ولا يحسن . فقال إبراهيم : فديتك ، هب شارية بنت زهرة بنت كلاب ، أينكر علي ابن العباس بن عبد المطلب أن يكون بعلاً لها ؟ فقال عبد الوهاب : لا . فقال : أبلغ أمير المؤمنين - أبقاه الله - السلام ، وأخبره أن شارية حرة ، وأني قد تزوجتها بشهادة جماعةٍ من العدول . وقد كان الشهود واعلموا ابن أبي دواد بالقصة ، فركب إلى المعتصم وحدثه بالحديث معجباً له منه ، فقال : ضل سعي عبد الوهاب . ثم دخل عبد الوهاب على المعتصم . فلما رآه يمشي في صحن الدار سد المعتصم أنفه وقال : يا عبد الوهاب ، أنا أشم رائحة صوفٍ محرق ، وأحسب عمي لم يقنعه ردك على أذنك صوفةٌ حتى أحرقها ، فشممت رائحتها منك . فقال : الأمر على ما ظن أمير المؤمنين وأسمج . قال : ثم ابتاع