كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 5)
"""""" صفحة رقم 85 """"""
إبراهيم من بنته ميمونة شارية بعشرة آلاف درهم وستر ذلك عنها ، فكان عتقه إياها وهي في ملك غيره ، ثم ابتاعها من ميمونة فحلت له ، فكان يطؤها بملك اليمين وهي تتوهم أنها زوجته . فلما توفي طلبت شارية مشاركة أم محمد بنت خالد زوجة إبراهيم في الثمن ، فأظهرت خبرها ، فأمر المعتصم بابتياعها من ميمونة بخمسة آلافٍ وخمسمائة دينارٍ فحولت إلى داره ، وكانت في ملكه حتى توفي . وقال ابن المعتر : وقد قيل : إن المعتصم ابتاعها بثلاثمائة دينار ، وملكها إبراهيم ولها سبع سنين ورباها تربية الولد .
قال : وحدثت شارية أنها كانت مع إبراهيم في حراقةٍ قد توسط بها دجلة في ليلةٍ مقمرة ، فاندفعت فغنت :
لقد حثوا الجمال ليه . . . ربوا منا فلم يئلوا
فوثب إليها فأمسك فاها فقال : أنت والله أحسن من الغريض وجهاً وغناءً ، فما يؤمنني عليك أمسكي .
ويقال : إنها لم تضرب بالعود إلا في أيام المتوكل لما اتصل الشر بينها وبين عريب ، فصارت تقعد بها عند الضرب ، فضربت بعد ذلك . قال ابن المعتر : وحدث محمد بن سهل بن عبد الكريم المعروف بسهلٍ الأحول ، وكان قاضي الكتاب في زمانه ، كان يكتب لإبراهيم وكان ثقةً ، قال : أعطى المعتصم إبراهيم بشارية سبعين ألف دينار ، فامتنع من بيعها . قال : فعاتبته على ذلك ، فلم يجبني بشيء . ثم دعاني بعد أيامٍ وبين يديه مائدةٌ لطيفة ، فأحضر الغلام سفوداً فيه ثلاث فراريج ، فرمى إلي بواحدةٍ فأكلتها وأكل اثنتين ، ثم شرب رطلاً وسقاني ، ثم أتى بسفودٍ آخر ففعل كما فعل وشرب كما شرب وسقاني ، ثم ضرب سترٌ إلى جانبه فسمعت حركة العيدان ، ثم قال : يا شارية تغني ، فسمعت شيئاً ذهب بعقلي . فقال : يا