كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 5)

"""""" صفحة رقم 90 """"""
الثقيل الثاني واحداً بعد واحد ، وسألت إسحاق عن صانعها فلم يعرفه . فقالت للمأمون : هي والله لأبيه أخذتها من فيه ، فإذا كان لا يعرف غناء أبيه فكيف يعرف غناء غيره فاشتد ذلك على إسحاق حتى رئي ذلك فيه .
وقال حماد بن إسحاق : غنت بذل بين يدي أبي :
إن تريني ناحل البدن . . . فلطول الهم والحزن
كان ما أخشى بواحدتي . . . ليته والله لم يكن
قال : فطرب أبي طرباً شديداً وشرب رطلاً وقال لها : أحسنت يا ابنتي ، والله لا تغنين صوتاً إلا شربت عليه رطلاً .
انتهت أخبار بذلك .
ذكر أخبار ذات الخال
قال أبو الفرج الأصفهاني : واسم ذات الخال خشف ، وكانت لأبي الخطاب النحاس المعروف بقرين مولى العباسة بنت المهدي . وكانت ذات الخال من أجمل النساء وأكملهن ، وكان لها خالٌ فوق شفتها العليا ، وقيل على خدها . وكان إبراهيم الموصلي يتعشقها ، وله فيها أشعارٌ كثيرةٌ كان يقولها ويغني فيها حتى شهرها بشعره وغنائه . واتصل خبرها بالرشيد ، فاشتراها بسبعين ألف درهم . فقال لها ذات يومٍ : أسألك عن شيءٍ ، فإن صدقتني وإلا صدقني غيرك وكذبتك . قالت : أصدقك . قال : هل كان بينك وبين إبراهيم الموصلي شيءٌ قط ؟ وأنا أحلفه أن يصدقني . قال : فسكتت ساعةً ثم قالت : نعم مرةً واحدةً ، فأبغضها . وقال يوماً في مجلسه : أيكم لا يبالي أن يكون كشخاناً حتى أهبه ذات الخال ؟ فبدر حمويه الوصيف فقال : أنا ، فوهبها له . ثم اشتاقها الرشيد يوماً فقال : ويلك يا حمويه وهبنا لك الجارية على أن تسمع غناءها وحدك فقال : يا أمير المؤمنين ، مر فيها بأمرك . قال : نحن عندك غداً . فمضى فاستعد لذلك واستعار لها من بعض الجوهريين بدنةً وعقوداً ثمنها اثنا عشر

الصفحة 90