كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 5)
"""""" صفحة رقم 93 """"""
وقال أبو عبد الله بن حمدون : إن عقيداً مولى صالح بن الرشيد خطب دنانير وشغف بها فردته ، فاستشفع إليها بمولاه صالح بن الرشيد وببذل والحسن بن محرز فلم تجب ، وأقامت على الوفاء لمولاها . فكتب إليها عقيد :
يا دنانير قد تنكر عقلي . . . وتحيرت بين وعدٍ ومطل
شغفي شافعي إليك وإلا . . . فاقتليني إن كنت تهوين قتلي
أنا بالله والأمير وما آ . . . مل من موعد الحسين وبذل
ما أحب الحياة يا حب إن لم . . . يجمع الله عاجلاً بك شملي
فلم يعطفها ذلك عليه ، ولم تزل على حالها حتى ماتت . ولعقيدٍ هذا فيها أشعارٌ فيها غناء . وكان عقيد حسن الغناء ، وله فيها أصوات ، منها قوله :
هذي دنانير تنساني وأذكرها . . . وكيف تنسى محباً ليس ينساها
أعوذ بالله من هجران جاريةٍ . . . أصبحت من حبها أهذي بذكراها
قد أكمل الحسن في تركيب صورتها . . . فارتج أسفلها واهتز أعلاها
قامت لتمشي فليت الله صورني . . . ذاك التراب الذي مسته رجلاها
والله والله لو كانت ، إذا برزت ، . . . نفس المتيم في كفيه ألقاها
ذكر أخبار عريب المأمونية
قال أبو الفرج الأصفهاني : كانت عريب مغنيةً محسنة ، وشاعرةً صالحة الشعر ، وكانت مليحة الخط والمذهب في الكلام ، ونهايةً في الحسن والجمال والظرف وحسن الصوت وجودة الضرب وإتقان الصنعة والمعرفة بالنغم والأوتار والرواية للشعر ، لم يتعلق بها أحدٌ من نظرائها ، ولا رئي في النساء - بعد القيان الحجازيات مثل جميلة وعزة الميلاء وسلامة الزرقاء ومن جرى مجراهن على قلة عددهن - نظيرٌ لها . قال : وكان فيها من الفضائل التي وصفناها ما ليس لهن مما يكون في مثلها من جواري الخلفاء ومن نشأ في قصور الخلفاء وغذي برقيق العيش الذي لا يدانيه عيش الحجاز والمنشأ بين العرب العامة والعرب الجفاة . قال : وقد شهد لها من لا تحتاج مع شهادته