كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 5)

"""""" صفحة رقم 94 """"""
إلى غيره ، فروي عن حماد بن إسحاق قال قال أبي : ما رأيت امرأةً أضرب من عريب ، ولا أحسن صنعةً ووجهاً ، ولا أخف روحاً ، ولا أحسن خطاباً بارعاً ، ولا أسرع جواباً ، ولا ألعب بالشطرنج والنرد ، ولا أجمع لخصلةٍ حسنةٍ لم أرها في امرأةٍ غيرها قط .
قال حماد : فذكرت ذلك ليحيى بن أكثم ، فقال : صدق أبو محمد ، هي كذلك . قلت أفسمعتها ؟ قال : نعم ، هناك يعني في دار المأمون . قلت : أفكانت كما ذكر أبو محمد في الحذق ؟ قال يحيى : هذه مسئلةٌ الجواب فيها على أبيك ، هو أعلم مني بها . فأخبرت أبي بذلك ، فضحك ثم قال : أما استحييت من قاضي القضاة أن تسأله عن مثل هذا وقال إسحاق بن إبراهيم الموصلي : استدعاني المأمون يوماً فدخلت عليه ، فسألني عن صوتٍ وقال لي : أتدري لمن هو ؟ فقلت : أسمعه ثم أخبر أمير المؤمنين إن شاء الله بذلك . فأمر جاريةً من وراء الستارة أن تغنيه ، فضربت فإذا هي قد شبهته بالقديم ، فقلت : زدني معها عوداً آخر . فإنه اثبت لي ، فزادني عوداً آخر . فقلت : يا أمير المؤمنين ، هذا صوتٌ محدثٌ لامرأةٍ ضاربة . قال : من أين قلت ذلك ؟ فقلت : إني لما سمعت لينه عرفت أنه محدثٌ من غناء النساء ، ولما رأيت جودة مقاطعه علمت أن صاحبته ضاربةٌ حفظت مقاطعه وأجزاءه ، ثم طلبت عوداً آخر فلم أشك . قال : صدقت ، الغناء لعريب .
وقال ابن المعتز : قال علي بن يحيى : أمرني المعتمد على الله أن أجمع غناء عريب الذي صنعته ، فأخذت منها دفاترها وصحفها التي كانت قد جمعت فيها غنائها ، فكتبته فكان ألف صوت ، وقد قيل أكثر من ذلك . وقد وصفها أبو الفرج الأصفهاني وأطنب في وصفها وتفضيلها ، واستدل على ذلك وبسط القول فيه .

الصفحة 94