كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 5)

"""""" صفحة رقم 95 """"""
وأما ما قيل في نسبها وسنها وكيف تنقلت بها الحال إلى أن اتصلت بالمأمون ، فقد روي عن إسماعيل بن الحسين خال المعتصم أنها ابنة جعفر بن يحيى ، وأن البرامكة لما نهبوا سرقت وهي صغيرةٌ فبيعت . قال أحمد بن عبد الله بن إسماعيل المراكبي : إن أم عريب كانت تسمى فاطمة ، وكانت يتيمة ، فتزوجها جعفر بن يحيى بن خالد ، فأنكر عليه أبوه ، وقال له : تتزوج بمن لا يعرف لها أمٌ ولا أب اشتر مكانها ألف جارية . فأخرجها جعفر وأسكنها في دارٍ في ناحية باب الأنبار سراً من أبيه ، ووكل بها من يحفظها ، وكان يتردد إليها ، فولدت عريب في سنة إحدى وثمانين ومائة . وكانت سنوها إلى أن ماتت ستاً وتسعين سنة . قال : وماتت أم عريب في حياة جعفر ، فدفعها إلى امرأةٍ نصرانيةٍ وجعلها دايةً لها . فلما حدثت بالبرامكة تلك الحادثة باعتها من سنبس النخاس ، فباعها من المراكبي .
قال ابن المعتز : وأخبرني يوسف بن يعقوب قال : كنت إذا نظرت قدمي عريبٍ شبهتها بقدمي جعفر بن يحيى . قال : وسمعت من يحكي أن بلاغتها في كتبها ذكرت لبعض الكتاب ، فقال : وما يمنعها من ذلك وهي بنت جعفرٍ بن يحيى هذا ملخص ما حكاه أبو الفرج في نسبها .
وأما أخبارها مع من ملكها وكيف تنقلت بها الحال ، فقد حكى ابن المعتز عن الهاشمي أن مولاها خرج بها إلى البصرة فأدبها وخرجها وعلمها الخط والنحو والشعر والغناء ، فبرعت في ذلك أجمع ، وتزايدت حتى قالت الشعر . وكان لمولاها صديقٌ يقال له حاتم بن عدي من قواد خراسان ، وقد قيل : إنه كان يكتب لعجيفٍ على ديوان العرض ، فكان مولاها يدعوه كثيراً ويخالطه . فركبه دينٌ فاستتر عنده ، فمد عينه إلى عريبٍ وكاتبها فأجابته ، ودامت المواصلة بينهما وعشقته ، ثم انتقل من منزل مولاها . فلم تزل تحتال حتى أخذت سلماً من سب ، وقيل : من خيوطٍ غلاظ ، وكان قد اتخذ لها موضعاً ، ثم لفت ثيابها وجعلتها في فراشها بالليل ودثرتها

الصفحة 95