كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 5)

"""""" صفحة رقم 97 """"""
وقال ابن المعتز : وحدثني محمد بن موسى بن يونس : أنها ملته بعد ذلك فهربت منه ، فكانت تغني عند أقوامٍ عرفتهم ببغداد وهي مستترةٌ متخفية . فلما كان يومٌ من الأيام اجتاز ابن أخي المراكبي ببستانٍ كانت فيه مع قومٍ تغني ، فسمع غناءها فعرفه ، فبعث إلى عمه وأقام هو مكانه ، فلم يبرح حتى جاء عمه وكبسها ، فأخذها وضربها مائة مقرعةٍ وهي تصيح : يا هذا ، لم تقتلني لست أصبر عليك ، أنا امرأةٌ حرة ، فإن كنت مملوكةً فبعني ، لست أصبر على الضيق . فلما كان من الغد ندم على فعله وصار إليها فقبل رأسها ويدها ورجلها ووهب لها عشرة آلاف درهم . ثم بلغ محمداً الأمين خبرها فأخذها . قال : وكان الأمين في حياة أبيه طلبها منه فلم يجبه إلى ذلك . فلما أفضت إليه الخلافة جاء المراكبي و محمدٌ راكبٌ ليقبل يده ، فأمر بمنعه ودفعه ، ففعل ذلك الشاكري ، فضربه المراكبي وقال : أتمنعني من تقبيل يد مولاي فجاء الشاكري لما نزل محمد الأمين فشكاه ، فأمر بإحضار المراكبي فأمر بضرب عنقه ، فسئل في أمره فعفا عنه وحبسه ، وطالبه بخمسمائة ألف درهم مما اقتطعه من نفقات الكراع ، وبعث فأخذ عريب من منزله مع خدمٍ كانوا له . فلما قتل محمد الأمين هربت عريب إلى المراكبي فكانت عنده .
قال ابن المعتز : وأما رواية إسماعيلٍ بن الحسن خال المعتصم فإنها تخالف هذا ، وذكر أنها إنما هربت من دار مولاها المراكبي إلى محمد بن الحامد الخاقاني المعروف بالخشن أحد قواد خراسان ، وكان أشقر أصهب أزرق العينين . وفيه تقول عريب ولها فيه غناء :
بأبي كل أصهبٍ . . . أزرق العين أشقر
جن قلبي به ولي . . . س جنوني بمنكر
وقال إسحاق بن إبراهيم : لما نمي إلى الأمين خبر عريبٍ بعث في إحضارها وإحضار مولاها فأحضرا ، فغنت بحضرة إبراهيم بن المهدي ، فطرب الأمين واستعادها ، وقال لإبراهيم : كيف سمعت ؟ قال : سمعت يا سيدي حسناً ، وإن تطاولت بها الأيام وسكن روعها ازداد غناؤها حسناً وطيباً . فقال للفضل بن الربيع :

الصفحة 97