كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 5)

"""""" صفحة رقم 98 """"""
خذها إليك وساوم بها ففعل ، فاشتط مولاها بالسوم ثم أوجبها له بمائة ألف درهم . وانتقض أمر الأمين وشغل عنها فلم يأمر لمولاها بشيءٍ حتى قتل بعد أن افتضها ، فرجعت إلى مولاها ، ثم هربت منه إلى ابن حامد ، فأمر المأمون بإحضاره وسئل عنها فأنكرها . فقال له المأمون : كذبت ، وقد سقط إلي خبرك ، وأمر صاحب الشرط أن يجرده في مجلس الشرط ويضع عليه السياط حتى يردها فأخذه . فبلغها الخبر ، فركبت حمار مكارٍ وجاءت وقد جرد ليضرب ، وهي مكشوفة الوجه وهي تصيح : إن كنت مملوكةً فبعني ، وإن كنت حرةً فلا سبيل علي . فرفع خبرها إلى المأمون ، فأمر بتعديلها عند قتيبةٍ بن زيادٍ القاضي فعدلت عنده . وتقدم إليه المراكبي مطالباً بها ، فسأله البينة عن ملكه إياها فعاد متظلماً إلى المأمون وقال : قد طولبت بما لم يطالب به أحدٌ في رقيق . وتظلمت زبيدة بنت جعفر إليه وقالت : من أغلظ ما جرى علي ، بعد قتل ابني ، هجوم المراكبي على داري وأخذ عريبٍ منها . فقال المراكبي : إنما أخذت ملكي ، لأنه لم ينقذني الثمن . فأمر المأمون بدفعها إلى محمدٍ بن عمر الواقدي ، وكان قد ولاه القضاء بالجانب الشرقي ، فأخذها من قتيبة بن زياد وأمر ببيعها ساذجةً ، فاشترها المأمون بخمسين ألف درهم ، وقيل اشتراها بخمسة آلاف درهم . ودعا عبد الله بن إسماعيلٍ وقال له : لو لا أني حلفت ألا أشتري مملوكاً بأكثر من هذا لزدتك ، ولكني سأوليك عملاً تكسب فيه أضعاف هذا الثمن ، ورمي إليه بخاتمين من ياقوتٍ أحمر قيمتهما ألف دينار ، وخلع عليه خلعاً سنية . فقال : يا أمير المؤمنين ، إنما ينتفع بهذا الأحياء ، وأما أنا فإني لا محالة ميت ، لأن هذه الجارية كانت حياتي . وخرج فاختلط وتغير عقله ومات بعد أربعين يوماً . وذهبت بالمأمون كل مذهبٍ ميلاً إليها ومحبةً لها ، حتى قيل : إن المأمون قبل رجلها في بعض الأيام وإنها قالت أثر ذلك : والله يا أمير المؤمنين ، لولا ما شرفها الله به من وضع فمك الكريم لقطعتها ولكن لله علي ألا اغسلها لغير وضوءٍ أو طهرٍ إلا بماء الورد ما عشت . فكانت تفعل ذلك إلى أن ماتت .

الصفحة 98