كتاب شرح التلقين (اسم الجزء: 3/ 1)

قال بأنه لا يجبر على قبول الحوالة وأن يبع (¬1) غير ذمته يقول: إن مجرد الأمر يقتضي الوجوب فيلزمهم أن يتأولوا الحديث الذي تعلق به داود وهم يقولون: إنه محمول على الاستحباب، وإنه يستحب لمن أحيل على مليء أن يقبل الحوالة. ولهم في ذلك مسلكان:
أحدهما: صرف قوله "فليتبع" على (¬2) الوجوب إلى الندب، لما قدمناه من الأقيسة.
وهذا إنما يحسن سلوكه إذا قيل: إن حيل (¬3) الأمر على الوجوب لا يجري مجرى النصوص بل مجرى الظواهر المحتملة، فيحتمل مجرد الأمر الوجوبَ ويحتمل الندبَ. لكنه في الوجوب أظهر فيحسن صرفه على (¬4) الوجوب إلى الندب بالأقيسة.
وأمّا المسلك الآخر: فالتمسك بصدر الحديث وهو أنه - صلى الله عليه وسلم - افتضح (¬5) ذلك بأن قال: "مطل الغني ظلم" وفي تأخير قضاء الدين إلى أن يتحول إلى ذمة أخرى يقتضيها نوع من المطل، وقد وصف النبي عليه السلام المطل بأنه ظلم لا سيما مقتضى قوله: "وإذا أحيل أحدكم على غني فليحتل" يقتضي أن المحتال، إذا أحاله من أحيل عليه على رجل آخر، يلزمه قبول الحوالة، وكذلك إذا أحاله الثاني على الثالث، وهذا يؤدي إلى ما لا يتناهى حتى يخرجنا عن المطل إلى إبطال الحقوق.
وأشار ابن القصار إلى طريق من الاستدلال: وهو أن الحوالة أجيزت
¬__________
(¬1) هكذا في النسختين، ولعل الصواب: يَتْبع.
(¬2) هكذا في النسختين، ولعل الصواب: عن.
(¬3) هكذا في النسختين، ولعل الصواب: حمل.
(¬4) هكذا في النسختين، ولعل الصواب: إلى.
(¬5) هكذا في النسختين، والصواب: افتتح.

الصفحة 12