كتاب شرح التلقين (اسم الجزء: 3/ 1)

يذهب إليه أحد، بل الناس يحاشون الأئمة إذا سمعوا كلامهم أو رأوه في دواوينهم من حمله على ما لا يفيد، فكيف النبي عليه الصلاة والسلام، وإنما بعث ليبيّن للناس ما نزل إليهم، وقال تعالى: {وَأَوْرَثَكُمْ أَرْضَهُمْ وَدِيَارَهُمْ} (¬1) والمراد به ما كان أرضًا لهم وديارًا، لأن هذا يستعمل كثيرًا مشتهرًا.

والجواب عن السؤال الثاني: أن الحديث مقيد بالإفلاس وقال: "إذا أفلس الرجل". ومعلوم أن الوديعة والعارية صاحبها أحق بها، سواء من فلس وهي عنده أو كان غنيًا، فلو أراد الوديعة لقال: من أودع شيئًا فهو أحق به، ولم يكن للتقييد بالإفلاس معنى.

والجواب عن السؤال الثالث أنه قال:
((فوجده بعينه)). والوديعة يأخذها صاحبها وجدها بعينها أو تغيرت.
والفلس سنتكلم على حكم وجود ما باع وقد تغيرت.

والجواب عن السؤال الرابع: أنه قال:
((فهو أحق بها)) ولفظة "أحق" إنما تستعمل في مفاضلة بين صنفين موجودة في اثنين كقولنا: فلان أفقه من فلان. بمعنى أن فلانًا له فقه أكثر من فقه فلان الآخر وإن استعمل بمعنى السَّلْبِ، كقوله تعالى: {أَصْحَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُسْتَقَرًّا وَأَحْسَنُ مَقِيلًا} (¬2).
وإن كان أهل النار ليس لهم مستقر ولا مقيل حسن وكما يقال: العسل أحلى من النحل، وإن كان النحل لا حلاوة فيه، فإن هذه إنما تستعمل نادرًا على جهة التجوز.
ومما اعتمد في الرد على أبي حنيفة من جهة القياس بعض الحذاق أن الثمن والمثمر شيئان في كون أحدهما عوض الآخر لا فرق بينهما في ذلك. ولو
¬__________
(¬1) سورة الأحزاب، الآية: 27.
(¬2) سورة الفرقان، الآية: 24.

الصفحة 315