كتاب شرح التلقين (اسم الجزء: 3/ 1)

الموطأ، وهو إمام في الحديث، وروى عنه الشافعي الأحاديث واعتمد عليها.
وأما طريق النظر فإن الشافعي يقول: "فإنا اتفقنا على أن البائع أحق بسلعته في الفلس، ولا فرق بين الفلس والموت، فيجب أن يكون أحق بسلعته أيضًا في الموت، ومن (¬1) ورث السلعة عنه (أعظم أبيه أن يحل محله ويستحق ما يستحق) (¬2)، فإن كان المشتري حيًا وحكمنا لبائع السلعة إذا فلس المشتري (¬3) أحق بها، فكذلك يجب أن يكون أحق بها إذا مات وتركها، لأن ورثته يحلون محله وحقهم في المال على حقه.
وهذا القياس يعتمدون عليه، ويرون أن علة كون البائع أحق بسلعته في الفلس ما طرأ على ذمة المشتري من عيب وهو خراب الذمة وفقدها، وهذه العلة بعينها موجودة في موت المشتري.
وأصحابنا يجيبون عن هذا بأن تغليب أحد الضررين أصل في العلم عظيم، فإذا قضينا يكون البائع في فلس المشتري أحق بسلعته، فقد أبقينا لمن سواه من الغرماء ذمة يرجعون إليها، وتُرْجَى عمارتها في المستقبل، وملاؤها، ولا يلحقهم ضرر كثير، ويلحق البائع إن منع من سلعته ضرر أشدّ من ضررهم.
وهذا قد عكسه القوم علينا فقالوا: إذا كان الغرماء -وهم جماعة- لا يشاركون البائع في سلعته في الموت، وهم سواء (من أن يقضى من ديونهم شيء بذلك آكد) (¬4) في أن لا يقدم عليهم بائع السلعة لعظم ما يلحقهم من الضرر من كونهم لا يرجون قضاء ديونهم في المستقبل، ويرجون ذلك إذا كان المفلس حيًا. وهذا لعمري يضعف الانفصال عن هذا الانعكاس، كما أن قول أصحابنا: إن السلعة إذا كان بائعها أحق بها في الفلس إذا بقيت على ملكه فلو تعلق بها
¬__________
(¬1) في مد: وقد.
(¬2) هكذا في النسختين.
(¬3) هكذا في النسختين. ولعل الصواب: [بأنه].
(¬4) ما بين القوسين، هكذا في النسختين، والأقرب: في أن ......... فتأكّد.

الصفحة 318