حق للغير فإن بيعها من حر (¬1) أسقط باتفاق تعلق حق البائع بها، ولكن له استرجاعها، فكذلك الوارث وقد تعلق له حق بالسلعة وانتقل الملك إليه، فيكون ذلك مانعًا للبائع من أخذ سلعته.
وهذا قياس مطلوب لأن الوارث انتقلت السلعة إليه بغير عوض بذله فيها بخلاف مشتريها بعوض. هذا أيضًا وقد لا يسلم انتقال الملك إلى الوارث إذا كانت التركة أحاطت بها الديون، لقوله تعالى في أحكام الميراث وبيان تفاصيله: {مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَا أَوْ دَيْنٍ} (¬2). فإنما حكم البنت بالنصف، ولكل واحد من الأبوين السدس بعد قضاء الدين والوصية. فجعل تمليكهم لما ترك الميت مشروطًا بعدم ديون تستغرق التركة فالأولى عندي الاعتماد على رواية مالك في الموطأ وترجيح نقله عن نقل غيره وأما الأقيسة فلا تكاد تسلم لنا من القوادح.
واعلم أيضًا أن بائع السلعة إنما يكون (¬3) بها إذا لم يكن في يد المشتري ما يوفي ثمنها، ويجتمع الديون عليه كما قدمناه في وصف من يفلس ومن لا يفلس وأما الموت فنحن نقول: إنه لا يكون أحق بسلعته وأصحاب الشافعي يقولون: إنه أحق بسلعته. ولكن يشترطون أن يكون الميت لم يخلف وفاءً لما عليه من الديون. لكن الاصطخري انفرد من جماعتهم وذهب إلى أنه يكون أحق بسلعته في الموت، وإن خلف الميت ما يقضى منه ثمنها وما عليه من الديون، تعلقًا منه بقوله عليه السلام: "إذا أفلس أو مات فهو أحق بمتاعه" الحديث المتقدم. فتعلق بعموم قوله: "أو مات" ولم يشترط - صلى الله عليه وسلم - أن يموت وعنده وفاء بما عليه أو ليس ذلك عنده.
وقال بعض أصحاب الشافعي إن في طرق الحديث اشتراط ألَّا يخلف وفاء، فقال: هو أحق بسلعته ما لم يخلف وفاء. وأيضًا فإن كونه أحق بالسلعة معلوم أن علته خراب الذمة وما طرأ عليها من عيب نقص به البائع من ثمن
¬__________
(¬1) هكذا في النسختين، ولعل الصواب: أحد.
(¬2) سورة النساء، الآية: 11.
(¬3) هكذا في النسختين، ولعل الصواب: يكون [أحق] بها.