وهكذا صرح أصبغ عن نفسه بأن الغرماء يكونون أحق بها (¬1) وزنوا من فدائها في الذي باعوها به. وإنما يضرب بائع السلعة الذي فديت منه في ربحها وفيما سوى ذلك من مال الغريم. فكأن ابن المواز أشار إلى أن إطلاق مالك وابن القاسم المراد به ما قال أصبغ.
وكان بعض الأشياخ أبقى الكلام على ظاهره وأجراه على حقيقته، لأن قوله: يضرب في ثمنها، لا يصرف إلى الربح الذي حصل فيها إلا عن تجوز وتعسّف في الكلام.
وأكد هذا عن بعض الأشياخ أن ابن القاسم وأشهب اختلفا فيمن وكل رجلًا على أن يشتري له سلعة ويسلفه ثمنها، ففعل الوكيل، ثم أراد حبسها حتى يأخذ من الذي وكله ثمنها الذي أسلفه.
فإن ابن القاسم لم يمكنه من ذلك، ولا جعله من حقه، ورأى أن السلع إنما تحبس بأن ترهن في دينٍ، (¬2) الموكِّل لم يقصد جعلها في يد الوكيل هنا بما أسلفه من ثمنها، ولا الوكيل هو بائعها فيكون من حقه أن يحبسها حتى يأخذ ثمنها.
وكأن أشهب رأى أن يد الوكيل كيد الموكل، ولو باشر الموكل الشراء لكان من حق بائع السلعة أن يمسكها حتى يدفع إليه ثمنها، والوكيل الذي اشتراها يحل محل بائعها، فكان من حقه أيضًا أن يحبسها حتى يأخذ ثمنها.
فكذلك هذه المسألة لما استحق بائعها عينها، وفاداها منه الغرماء بثمنها، ينبغي أن يختلف فيهم: هل يستحقون من ثمنها مقدار ما فدوها به ويحلون في ذلك محل البائع الذي فدوها منه؛ فكان من حقه أن يأخذ عينها ويبطل حق سائر الغرماء فيها، ولا يكون (¬3) يحلون محل البائع الذي استحق عينها وفدوها منه،
¬__________
(¬1) هكذا في النسختين، ولعل الصواب: بما.
(¬2) هكذا في النسختين، ولعل الصواب: إضافة واو العطف فيصير: [و] الموكَّل.
(¬3) هكذا في النسختين، ولعل الصواب: حذف يكون.