البائع ولم يقدر باتفاق على نقض بيع المشتري ممن اشترى منه. وهذا يشعر بأن حق الشفيع آكد من حق البائع ولو لم يسبق أحَدُ الحقين الآخر، (وكيف يحق للشفيع وقد سبق؟) (¬1) وهذان ترجيحان يجب لأجلهما أن يكون هذا الشقص الشفيع أولى به من البائع.
ومن قال: إن البائع أولى من الشفيع لكون الشفعة وجبت لنفي الضرر، ولا ينبغي أن يُنْفى ضرر عن الشفيع بإثبات ضرر على البائع.
وهذا المذهب ضعيف لأجل ما قدمناه مما رجحنا به المذهب الذي ذكرناه.
ومن الناس من التفت إلى العدل بين هذين الضررين والموازنة بينهما، بأن يقال: يقضى للشفيع بأخذ عين الشقص المبيع، ويدفع إلى بائع الشقص الثمن الذي يؤخذ من الشفعة، فيُنْفَى الضرر اللاحق بسوء المشاركة عن الشفيع بأخذ عين الشقص المبيع، وينفى عن البائع الضرر بإيصال ثمنه إليه.
وإلى هذا ذهب أشهب في كتاب ابن المواز.
وهذا لا يصعب النظر فيه على أصل مذهبنا أن البائع إذا وصل إليه جميع ثمنه فإنه لا مقال له في أخذ عين سلعته، على ما كنّا قدمنا من المشهور بين (¬2) مذهبنا. وهاهنا وصل إليه جميع الثمن بكماله، لأن الشفيع يدفع إليه الثمن الذي باعه هو به ممن اشتراه منه. ومن أصلنا أن من تبرع بقضاء دين عن رجل لم يكن لمن له الدين الامتناع من أخذه على ما قدمناه.
وإنما يحتاج إلى النظر في هذا على أصل الشافعي القائل بأنه لا يمكّن الغرماء من دفع الثمن إلى بائع السلعة إذا وقع التفليس. فهاهنا اختلفوا على المذاهب التي ذكرناها، وذكروا فيها الثلاثة أوجه. ولكن هذا لو قيل: إن الشفيع إذا دفع الثمن لم يكن البائع أولى به بل يحاص الغرماء فيه. وأما إذا قلنا: إنه
¬__________
(¬1) هكذا في النسختين، ولعل الصواب: كيف وحق الشفيع قد سَبَقَ.
(¬2) هكذا في النسختين، ولعل الصواب: مِن.