وأما إن كانت هبة طلبًا للمكافأة فحكمها حكم البيع، وقد ذكرنا ما قيل فيها.
2 - وإن انتقل الملك بعوض على جهة المتاجرة والمعاملة فبائع السلعة أحق بها في الفلس عندنا، وعند الشافعي كما تقدم.
3 - وإن كان الملك انتقل عن جهة القرض والسلف ففي ذلك قولان: أحدهما: أن المتسلف للسلعة إذا فلس لا يكون الذي أسلفه إياها أحق بها إذا فلس من تسلفها. هكذا ذكر في "كتاب ابن المواز". وقد قال فيه: لا يكون أحق سواء قبض السلف أو لم يقبض لأن الحديث إنما ورد في البيع.
وقوله: أو لم يقبض؛ قد يسبق إلى النفس اعتراضه لأن من في يده سلعة لم يسلمها فهو أحق بها في الفلس والموت. لكن القرض لما كان إلى أجل، على مقتضى العادة في القرض، صار من حق المستسلف أن يطالب المسلف بالتسليم فلا يكون له حبس ما أسلف. وإذا لم يكن له حبسه لم يكن أحق به ولو قيل: له الرجوع في ذلك، وإن لم ينتفع المتسلف بذلك، كما قيل في من أعار أرضًا فإن له الرجوع في ذلك إذا لم يؤجل كان ها هنا قد يتصور كأنه أحق لكونه يستحق الرجوع. هذا إذا قيل: إن معير الأرض يرجع وإن لم ينتفع المستعير أصلًا. وهذا مِمّا ينظر فيه، ويبسط في موضعه إن شاء الله تعالى.
وقال الأصيلي: بل يكون أحق بها كما يكون أحق بها في البيع. فأجراها الأصيلي مجرى عقود المعاوضة. وأيضًا، فإن في أكثر الروايات: إذا وجد متاعه بعينه فهو أحق به، على ما قدمناه لما ذكرنا نصوص الأحاديث في هذا. ولم يفرق في هذه الرواية بين أن يكون متاعه دفعه قرضًا أو دفعه بيعًا. وأيضًا، فإن طريق القرض المعروف والإحسان، فكأنه لم يقصد المعاملة على ذمة فخربت وافتقرت، فيكون ذلك عيبًا يوجب له ارتجاع عين سلعته.
وكأن من ذهب إلى المشهور في المذهب من كونه إنما يكون أحق في