البيع خاصة، ورأى أن في الرواية الصحيحة من الموطأ وكتاب مسلم أن البائع أحق فخص هذا الحكم البيع (¬1)، فيبقى ما سواه على مقتضى القياس. وقد كنّا قدمنا الإشارة إلى أن مذهب أبي حنيفة أنه لا يكون أحق في الفلس ولا في الموت. هو القياس؛ وإنما عدلنا عنه لأجل الآثار المروية التي قدمناها، لأن الصحيح عندنا أن خبر الواحد مقدَّم على القياس، لا سيما أن المتسلف لو أراد أن يرد السلعة التي أقرضها بعينها لم يكن لصاحبها أن يمتنع من ذلك، بخلاف لو كانت بيعًا. وهذا يشعر بأنه لم يكن القصد المعاملة له على ذمة فخربت ولحقها عيب.
وإذا قلنا: إنه يكون أحق بسلعته في الفلس، فإنما ذلك إذا كانت عروضًا أو غيرها مما ليس من أعيان النقود كالدنانير والدراهم. فإن كان المطلوب في الفلس (ارتجاع دنانير أو دراهم ففيها قولان:
1 - ذهب ابن القاسم إلى أنها في الفلس) (¬2) يستحق دافعها عينها وإن كانت ثمنًا، كما يستحق أيضًا البائع عين سلعته إذا فلس مشتريها، فهكذا يستحق المشتري عين دنانيره أو دراهمه إذا فلس قابضها وانتقض البيع. فقاس الثمن على المثمون. وروى أشهب في الموازية أنه لا يكون [حق] وأن الثمن في هذا بخلاف المثمون. والأحاديث إنما ذكر فيها "إذا وجد سلعته، أو وجد متاعه" والدنانير والدراهم لا تنطلق عليها هذه التسمية في عرف الخطاب، فلم تدخل في الأحاديث الواردة.
وينبني هذا الخلاف على أصل معروف فيه الخلاف عندنا وهو: هل تتعين الدنانير والدراهم كما تتعين العروض أو لا تتعين؟
فإن قلنا: إنها تتعين، ترجّح القول بأنها تُستَحَق عند الفلس.
¬__________
(¬1) هكذا في النسختين، ولعل الصواب: بالبيع.
(¬2) ما بين القوسين ساقط من المدينة.