كتاب شرح التلقين (اسم الجزء: 3/ 1)

وإن قلنا: لا تتعين، صار وجود عينها لا يفيد لما كان لقابضها أن يعطي بدلًا مثلها. فكأنها لأجل ذلك كسلعة فاتت في يد مشتريها.
ومن شرط هذه المسألة صحة الشهادة بأنها عين الدراهم بأن تكون البينة لم تفارق قابضها ولم يشترط ذلك في كتاب الغصْب.
ومن الأشياخ من أخذ كل واحدة من المسألتين على ظاهرها. وقال لما كان الغاصب ظالمًا ينبغي أن يحمل عليه لم يثقل عن المغصوب له في الشهادة بأن تكون البينة لم تفارق الغاصب.
وأما مسألة التفليس لم يكن قابضها ظالمًا فثقل عليه في تصحيح الشهادة.
وهذا ضعيف وإنما الأولى أن يسلم للشهود ما شهدوا به. ومتى أيقنوا وهم من اليقظة والحذق بحيث لا يؤتي عليهم، قبلت شهادتهم. وقد يطلعون على قرائن الأحوال أو تكون لهم علامات في الدنانير والدراهم يتحققون بها أنها هي التي رأوها فيما قبل وإن غابت عن أبصارهم. وبالجملة فالغالب فيما لا علامة لهم فيه أنهم لا يعرفونه إذا غاب عنهم وأمكن إبدالها.
فإذا تقرر هذا فلو باع منه بدراهم فخلطها قابضها، وعلم الشهود أنها هي التي خلطت بدراهم قابضها، فإن ابن القاسم يجعل دافعها أحق بها في الفلس.
ولا يكون خلطها بمثلها مانعًا له من أخذ ما دفعه بالقسمة لهذه الدراهم. وكذلك لو كان زيتًا أو عسلًا وما في معنى ذلك من المائعات التي لا تتعين فإنه لا يمنع خلطه بزيت آخر أو عسل آخر مثله سواء في الهبة (¬1) أن يقسم ويأخذ دافعه عند الفلس ما دفع، لأنا وإن قلنا: إن القسمة بيع من البيوع، فهذا الذي هو أخذه هو بعينه عوض ما صار لصاحبه مما خلطه به، فإذا كان أحق بعين الشيء كان أحق بعوضه بعينه.
وإن قلنا: إن القسمة تمييز حق، فذلك أوضح في كونه أحق بما دفع،
¬__________
(¬1) هكذا في النسختين، ولعل الصواب: في الهيئة.

الصفحة 336