أقل من حقه، فقد باع قفيزًا طيبًا فأخذ قفيزًا دونه، ولبائع السلعة أن يأخذها بعينها وإن نقصت.
ومما يلحق بما حكاه العقود لو اشترى سلعة ثم باعها ثم فلس، فقام بائعها في طلب الثمن، فإنه إنما يجب له محاصة الغرماء بالثمن؛ لأنه لم يجد عين سلعته في يد مشتريها. لكن إذا حكم بالمحاصة وأخذ ما صار له من مال الغريم، ثم ردها مشتريها الثاني بعيب فيها، فإن المذهب انتقاض ما سبق من المحاصّة ورد السلعة إلى يد المفلس ليأخذها البائع منه، وكأن يد (¬1) مشتريها الثاني لها كشف أن البيع لم ينعقد فيها لما ردت بالعيب، ويقدر أنها لم تخرج من يد مشتريها الأول، وإذا كانت لم تخرج من يده فلا شك أن بائعها أحق بعينها، فإذا استحق العين رد على الغرماء ما أخذ منهم في المحاصة.
وقد قيل في مثل هذا: إن الحكم إذا وقع لم ينقض. وذلك أن ابن حبيب ذكر فيمن اشترى سلعة ثم باعها ولم يعلم بعيب فيها، فبعد البيع أعلم به، أخذ قيمته لكونه لا يمكنه رد السلعة بعينها. فبعد أن أخذ قيمة العيب ردها مشتريها منه بالعيب، فإنه لا يرد على بائعها ما أخذ منه من قيمة العيب ولا يصير كسلعة لم تبع اطلع فيها على عيب، فالحكم أن المشتري غير بين أن يقبلها بعينها ولا يأخذ من الثمن شيئًا، أو يردها ويأخذ الثمن لمنع ابن حبيب من ردها، وقال: ذلك حكم مضى، يأخذ قيمة العيب، فلا ينقض. وإذا رجعت السلعة إلى يد بائعها الثاني فكذا ينبغي إذا حكم بالحصاص لا ينتقض به أيضًا. وهذا يلتفت فيه إلى كون الردّ بالعيب هل يكون نقضًا له من أصله حتى كأنه لم يقع فيه عقد، أو يقدر كأنه ابتداء مبايعة الآن لما رد بالعيب. فإن قلنا: أنه نقض للبيع من أصله، تأكد ما قيل في مسألة المحاصة إنها تنتقض. وإن قلنا: إنه كابتداء بيع تأكد القول المخرج بأنها لا تنقض. على هذا لو اشترى سلعة ودفع ثمنها ثم اطلع على عيب وقد فلس بائعها فقضي له بالردّ فإنه إذا ردّ ووجد الثمن الذي دفعه
¬__________
(¬1) هكذا، ولعل الصواب: رَدّ.