ذمة المشتري، ولا يجوز أن يأخذ عن ثمن رطبٍ تمرًا، كما لا يجوز بيع التمر بالرطب.
وكذلك لو فرضنا المسألة بأنه باع شاة حية فذبحها مشتريها أو قمحًا فطحنه، أو زبدًا فصيّره سمنا، فإن ذلك كله على الخلاف الذي قدمنا: إن قلنا: أخذ السلعة عند الفلس نقض للبيع من أصله أجزناه. وإن قلنا: إنه كابتداء بيع مضى هذا كله وقدرنا في الشاة الحية إذا ذبحت كأنه بيع اللحم بالحيوان.
فكذلك الزبدة مع السمن والقمح بالدقيق على مذهب من صار أنه لا يجوز المعاوضة في ذلك، على ما قدمناه وشرحناه في كتاب البيوع.
وعلى هذا الخلاف المذكور فيمن باع عبدًا فأبق عند المشتري ثم فلس، فذهب أشهب إلى أن بائعه ليس له طلبه وترك المحاصة، بل يتعين حقه في المحاصة بثمنه، بناء على أن الأخذ (¬1) عند المفلس كابتداء بيع، فليس له أن يبتدىء شراء آبق بدين له في الذمة.
وذهب ابن القاسم وأشهب إلى أن طلب الآبق جائز. واختلفا إن لم يجده: فقال ابن القاسم ليس له الرجوع إلى المحاصة، وقدر أنه لما تركها بطلب الآبق كأنه أسقط حقه فيها. وهذ ابن اء على أن أخذ السلعة نقض للبيع من أصله، فكأن البيع لم ينعقد، فيكون لبائع العبد طلبه وان أبق. ومقتضى هذا البناء ألاّ يرجع إلى المحاصة لانتقاض الثمن بانتقاض البيع. وكأن أشهب استخف رجوعه إلى المحاصة وقدّر أنه ليس بتارك لحقه فيها لما (أخذ عين العبد) (¬2) فلم يحصل له ما رجاه.
وقد عورض أصبغ في منعه اختيار طلب الآبق لأجل أنه كمشتري آبق بما نابه، إذا قدر ذلك فيه، ومنع منه لأجل الغرر في شراء الآبق، فإنه يقدر فيه أيضًا
¬__________
(¬1) هكذا.
(¬2) أي: أخذ في طلب عين العبد.