كأنّه كبيع آبق لما يصير له في المحاصة فلم ينفك الاختيار لأحد الأمرين من غرر فلا ينبغي أن يمنع أحدهما ويسوّغ للآخر.
والجواب عن السؤال الرابع أن يقال:
قد قدمنا أن الأحاديث الواردة في كون البائع أحق بسلعته في الفلس شُرِط فيها: إذا كانت السلعة قائمة بعينها. وقد علم أن السلعة قد توجد بعينها لم يتغير شيء من صفاتها، أو يوجد عينها وقد تغيرت صفاتها.
فأما القسم الأول وهو وجودها ولم تتغير، فلا إشكال فيه لأنه أمر محسوس.
وأما القسم الثاني، وهو تغيرها، فإن الضابط في هذا الوجه اعتبار التغير هل أفرط حتى صار الشيء كأنه جنس آخر ويراد لغرض آخر، فيكون كفوات العين، يجب للبائع المحاصة ولا يكون له حق في العين، أو يكون التغير يسيرًا فلا يبطل حقه في العين إذا شاء.
وقد نبه مالك على هذه المسائل عن من اشترى ثيابًا فقطعها، فقال: لا أدري، لكن لو كان اشترى جلودًا فقطعها نعالًا لكان ذلك فوتًا.
فأنت ترى كيف أسقط حق البائع في النعال لما كان الغرض في الجلد المبيع خلاف الغرض في النعال.
وقطع الجلد نعالًا تغيير شديد. وأشكل الأمر عنده في الثياب، فقال: لا
أدري. لكون السؤال فيه إجمال لاختلاف تفصيل الثياب.
فإذا تقرر هذا فاعلم أن الحادث في المبيع قد يكون بأمر من الله سبحانه لا صنع للخلق فيه، أو يكون بجناية جان، أو يكون بفعل فعله المشتري.
فإن كان الحادث فيه عيبًا حدث من قبل الله، فإن المعروف من المذهب تخيير البائع بين أخذ سلعته على ما هي عليه من عيب، وبين تركها والرجوع إلى