كتاب شرح التلقين (اسم الجزء: 3/ 1)

المحاصة مع الغرماء، قولًا مطلقًا من غير تفصيل لحكم العيب.
لكن بعض الأشياخ أشار إلى ما كنّا قدمناه في صدر هذه المسألة، فقال: لو اشترى عبدًا فهرم عنده ثم فلس، أو كان صغيرًا فكبر ثم فلس، لجرى ذلك على القولين في الكبر والهرم: هل هي فوت يمنعان الردّ بالعيب أم لا؟ وقد ذكر ابن شعبان في مختصره عن مالك أنه قال: إذا اشترى جارية فحدث بها عيب، فالبائع بالخيار بين أن يأخذها بقيمتها أو يتركها ويحاص بالثمن.
وجعل بعض أشياخي هذه الرواية على أن المراد به يأخذها بقيمتها بأن ينسب ذلك من الثمن الذي وقع به البيع، فيحط عن البائع مقدار النقص الذاهب الذي عابها، ويكون له الخيار فيها سواه: هل يأخذه بما قابله من الثمن، أو يتركه ويحاص بالثمن، كمشتري سلعتين فاتت إحداهما في يديه ثم فلس.
ويحتمل عندي أن يكون المراد أخذها بقيمتها على ما هي عليه، ويحاسب بذلك من الثمن؛ لأن الغرماء لا حق لهم في عين سلع المفلس إذا لم يكونوا هم باعوها منه، وإنما حقهم في مقدارها فإذا دفع البائع لهم قيمتها على ما هو (¬1) عليه من عيب، كان أوْلى بها ويحاسب بذلك من الثمن، وتكون قيمتها بدل عينها فيكون ذلك بما قلنا: إن الغرماء إذا دفعوا إليه ثمن سلعته سقط حقه في عينها، فكذلك إذا دفع هو إليهم قيمة السلعة المعينة كان هو أحق منهم أيضًا، إذ لا فائدة لهم في عينها.
وأما القسم الثاني، وهو أن يكون العيب الحادث كان عن جناية جان، فإن البائع أحق بعين سلعته بمقدار قيمة ما بقي منها بعد الجناية من قيمة الذاهب بجناية الجاني، بسبب (¬2) ذلك من الثمن. فإن كانت الجناية برِئت على غير
¬__________
(¬1) هكذا في النسختين، ولعل الصواب: هي.
(¬2) هكذا في النسختين، ولعل الصواب: بنسبة.

الصفحة 342