كتاب شرح التلقين (اسم الجزء: 3/ 1)

يكون قبض من ثمنها شيئًا، يقتضي دليل هذا الخطاب أنه إذا قبض شيئًا من ثمنها فلا يكون أحق بها.
وهذا عندي لا يثبت عن مالك، فلعل الإسفرايني فهم عنه هذا من تقييده ما رواه في موطئه يكون البائع لم يقبض من ثمنها شيئًا. وأما مذهب مالك رضي الله عنه فإنه يخيّر البائع بين أن يردّ جميع ما قبض ويرتجع سلعته، أو يتمسك بها ويحاص ببقية الثمن، ولا يطلب ثمن سلعته بل تباع له وللغرماء؟ ومذهب الشافعي أنه يرتجع من سلعته بمقدار ما بقي من الثمن إذا شاء، أو يسلم ذلك ويحاص بما بقي من الثمن.
مثل أن يكون اشترى عبدًا بمائة دينار، فقبض من ثمنه خمسين، فإن الخمسين المقبوضة تقابل نصف العبد والخمسون الباقية تقابل نصفه أيضًا.
فعند مالك أن البائع إن شاء رد الخمسين التي قبض واسترد جميع العبد، وإن شاء طلب الخمسين الباقية وحاصّ الغرماء فيها وترك جميع العبد.
ومذهب الشافعي أن الخمسين المقبوضة يسقط حق البائع في نصف العبد وتبقى الخمسون الأخرى كأنها ثمن عبد كامل، إن شاء طلب بها مال المفلس مع جملة الغرماء، وإن شاء استرد نصف العبد.
ولو كانت سلعة كثيرة تختلف قيمتها، لكان الفضّ والتقويم على هذه النسبة. فلو اشترى ثلاثة أعبد بمائة دينار، قيمة أحدهم نصف الثمن وهو خمسون دينارًا، والآخر خمس الثمن وهو عشرون، وللآخر ثلاثة أعشار الثمن وهو ثلاثون دينارًا. وكانت العبيد عند المفلّس لم يفت منهم أحد، وقد قبض ثلاثين، لكان البائع بالخيار في أن يرد ثلاثين دينارًا، أو (¬1) يأخذ الثلاثة أعبد، أو يسلم جميعهم ويحاص بثمنهم. ولو كانت الثلاثة أعبد متكافئة القيم لكان هذا.
¬__________
(¬1) هكذا في النسختين، ولعل الصواب: و.

الصفحة 358