ولو كان الذين استأجروه جماعة لقدّم منهم الأول فالأول. وإن جهل الأول منهم اقترعوا على من يقدم. لكن لو كانت العادة التي دخل عليها كل من استأجر هذا الصانع لا يقدم الأول فالأول بل يقدم من شاء، فإنه ها هنا يبقى على العادة التي دخل معه عليها جميع ما استأجره.
هذا حكم تفليس بائع المنافع المضمونة والمعينة.
وأما الحكم في تفليس من اشترى المنافع: فإن الصانع إذا استؤجر على حياكة أو صبغ ثوب صباغًا (¬1)، أو صياغة حلي فصاغه، أو خياطة ثوب فخاطه، أو قصارته فقصره، إلى غير ذلك من أنواع الصناع، فإنه إذا فلّس دفع (¬2) هذه المصنوعات إليه قبل أن يشرع في العمل، فإنه إن شاء تمادى على العمل وحاصّ بثمنه، وإن شاء فسخ العقد لكونه تعذر (¬3) عليه استيفاء الثمن، فله أن يفسخ البيع إذا (¬4) لم يمكن إيصال الثمن إليه، ولا يكون من حقه (¬5) أن يصبغ (¬6) الثوب، ويكون شريكًا بالصباغ؛ لأن مقتضى العقد أحد الأمرين: إمضاؤه على ما هو عليه وعلى ألاّ يكون شريكًا بصبغه أو نسجه إذا تعذر الثمن على بائع منافعه قبل أن يعمل. وإن فلس دافع هذه المصنوعات بعد أن عمل الصانع ما استؤجر عليه، وذلك لم يخرج من يده، فإنه له حبسه حتى يستوفي أجرته وسواء في ذلك فلس ربّ المصنوعات أو مات، فإن ذلك كالرهن في يده حتى يستوفي أجرته، ومن ارتهن فإنه أحق به من غرماء راهنه. وحاول بعض أشياخي تخريج خلاف في هذا، إذا لم تكن العادة جارية بأن الصناع يمسكون الأشياء التي أوْدَعوها صنعتَهم حتى يأخذوا إجارتهم، فإنا إذا لم نجعله كالرهن باشتراطٍ أو
¬__________
(¬1) هكذا في النسختين، ولعل الصواب: فصبغه.
(¬2) هكذا في النسختين، ولعل الصواب: دافع.
(¬3) هكذا في النسختين، ولعل الصواب: يتعذر.
(¬4) هكذا في النسختين، ولعل الصواب: إذ.
(¬5) أي: المفلس.
(¬6) أي: للمفلس.