قبل أن يمر مقدار التسليم وتمكين المناولة، على حسب ما بينا هذا في كتاب البيوع. هذا الحكم إذا لم يسلّم الصنعة.
وأما إن سلّمها فالمشهور أنها إن كانت عينًا قائمة كرقَاع رقع الصانع بها الثوب الخَلَق أو جلودًا رقع بها الفرّاء، أو ما يعمله الصيقل في سيوف، فإن هذا إذا سلّم الصانع المعمول فيه إلى ربه كان شريكًا بمقدار ما سلّم ممَّا له عين قائمة. والقولان فيما يقدر ما سلّمه من هذه الأعيان: هل يكون شريكًا بقيمته لأنه هو المبيع، وكأنه سلعة أضيفت إلى سلعة على وجه يتعذر فيه الانفصال والتمييز فيكونان شريكين في ذلك.
وأشار ابن حبيب في هذه المسألة إلى أن الشركة تكون بمقدار ما زاد الصانع، كما في أحد القولين في الصباغ أنه يكون شريكًا بما زاد.
وظاهر الروايات أن الرِّقاع تقوَّم، ويقوَّم الثوب ويكونان شريكين بنسبة هذا التقويم.
والذي قاله ابن حبيب في مسألة الترقيع: إنه يكون شريكًا بما زاد، لم يجعل للصانع محاصة بقيمة ما سمي من الإجارة، خلاف ما نذكره عن ابن المواز. وظاهر الروايات إطلاق التقويم والشركة على حسب ما قلناه، لكن الصباغ (¬1) قال: هذا إذا كانت الرقاع هي الأكثر مما استؤجر عليه، فيما سوى ذلك مما عمله البائع من خياطة، أو ما في معناها، أو كانت رقعة في الثوب أو رقعتين مما يُحتقر ويكون كالتبَع للخياطة التي تكون في الثوب، فإنه لا تكون الشركة، ويكون الصانع أسوة كما لو سلّم الصانع ما صنعه وأخذه ربّ الشيء المعمول فيه ما عمل، وهو مما لا عين له قائمة تتميز كالقصارة أو الخياطة فإنه ها هنا يكون أسوة لكونه قد باع ما هو كالغائب الذي ليس بعين قائمة فأشبه من باع طعامًا فأكله مشتريه.
¬__________
(¬1) هكذا في النسختين.