وهذا إذا أخذ ما زاد الصِّباغ على قيمة الثوب أبيضَ، فإنه أخذها (¬1) هو أحق به من الغرماء، لكون ما زاد الصباغ في الثمن كعين قائمة هو أدخلها في مال المفلس فيكون أحق بها، ثم يضرب ببقية ما سمي له من الأجرة، فكأنه إنما أمضى عليه عقد الإجارة، واختص منه بقدر ما زادت صنعته دون غيره من الغرماء، وبقي بقية التسمية، تُطلب بها الذمة، فيحاصّ بها.
ولو وقع التفليس في شراء منافع ظهور الدواب أو بطون السفن، فإنه إذا فلس المكتري كان صاحب الدابة وصاحب السفينة أحق بالمحمول على دابته أو في سفينته، سواء كان رب الدابة والسفينة مصاحبًا لدابته أو سفينته أو لم يكن مصاحبًا لها.
فأمّا إذا كان مصاحبًا لذلك فكان جائز (¬2) لما حمله. والصانع قد قدمنا أنه أحق بالمصنوع إذا كان في يده لم يسلّمه إلى ربه، لكونه كالرهن، فكذلك صاحب الدابة يكون أحق بما على ظهرها إذا لم يسلمه إلى ربّه.
وأما كونه أحق، وإن لم يكن مصاحبًا لدابته، فإنه قدر أن ظهر دابته وبطن سفينته نابا عن حَوْز يده، وكأن رب المتاع المحمول لما سلم ذلك إلى الدابة والسفينة فكأنه سلمه إلى مالكها. لكن عبد الملك بن الماجشون ذكر قولًا مبسوطًا محصوله: أنه من سلم إليه شيء انفرد به، وبعُد به عن صاحبه، وفوّض أمره إليه، فإنه يكون أحق به كراعي الماشية إذا سلمت إليه وفوِّض أمرها لتدبيره، وزالت يد صاحبها عنها، أو استؤجر لطلب آبق فحصله في يده، أو على جلب مال من بلد فجلبه وحصل في يديه، فإن هذا، وما كان في معناه، يكون حائزه أحق به. وأجراه مجرى الرهبان لأن (¬3) الحَوز.
¬__________
(¬1) هكذا في النسختين، ولعل الصواب: أخذ مَا.
(¬2) هكذا في النسختين، ولعل الصواب: حَائزًا.
(¬3) هكذا في النسختين، ولعل الصواب: لأجل.