وهذا القول منه قد يشير إلى أن من حمل متاعًا على دابته ولم يصاحبها، وإنما صحبها صاحب المتاع، فإن رب الدابة لا يكون أحق يعدم (¬1) الحوز. وقد أشار ابن المواز إلى قريب من هذا المعنى: من استأجر بقرًا يدرس بهم (¬2) في الأندر فإن صاحب البقر إذا درس بها وانقلب ليلًا وترك الطعام في الأندر فإنه أحق به لأن الأندر لا ينقلب به، ولا هو مما ينتقل. بخلاف صانع يعمل لك نهارًا في بيتك، ثم انصرف ليلًا فإنه لا يكون أحق بالمصنوع مما يصح الانقلاب به، فتركه بيد صاحبه مع القدرة على نقله يشعر بعدم الحوز.
ولو كان المكترى دارًا لم يكن صاحب الدار أحق بما فيها من المتاع إذا وقع التفليس. وذلك أن الساكن بالدار هو الحائز لمتاعه الذي هو فيها، ولا مدخل لرب الدار أن (¬3) في حيازة هذا المتاع فلهذا لم يكن أحق به.
وذهب عبد الملك بن الماجشون إلى كونه أحق بما في الدار، وقدر أن الدار بها صون هذا المال وحفظه، فأشبه ما اتفق عليه المذهب من كون مكري الدابة أحق بما عليها والعلّة في ذلك كون الدواب والسفن إذا حملت المتاع أو الطعام من بلد إلى بلد فما ذلك إلا لطلب الأرباح، فيقدر ما زاد من الربح بسبب هذه النقلة كأن ربّ الدابة أفاده لرب المال وأعطاه إياه، فكان أحق به. ولكن قد يقتضي هذا التعليل الذي ذكروه أنه يكون أحق بالأقل مِمّا زاد السفر، أو سمَّيا في عقد الكراء.
وذهب عبد الملك إلى أن أصحاب الدار أحق بما فيها من المتاع، وإن كان السكان انفردوا بحوزه. قد (¬4) يشير إلى خلاف ما أشار إليه بعض أشياخي من كون صاحب الدابة لا يكون أحق بما على ظهرها إذا لم يصاحبها لأن المتاع
¬__________
(¬1) هكذا في النسختين، ولعل الصواب: لعدم.
(¬2) هكذا في النسختين، ولعل الصواب: بها.
(¬3) هكذا في النسختين، ولعل الصواب: حذفها.
(¬4) أي: وهذا قد ...