الذي بالدار لم يصاحبه أيضًا صاحب الدار، ولا له عليه حوز ولا يد. فهذا مما ينظر فيه تخريج مذهبه في المتاع المحمول على ظهر الدابة. هذا في تفليس المكتري.
وأما لو كان الذي فلس هو مكري الدابة، وكان الكراء في ذاته (¬1) بعينها، فإن المكتري أحق بها من غير خلاف، كمن اشترى سلعة معينة ففلس بائعها قبل تسليمها فإن العقد فيها لا يبطل بتفليس بائعها. وأمّا إنْ كان الكراء مضمونًا، وإنما اكترى منه حمل متاع أو طعام مضمون عليه في ذمته، ووصوله إلى المكان الذي اكترى إليه، فإنه إن لم يسلم إليه دابة يركبها لم يكن أحق بشيء من دوابه. وإن سلم إليه دابته يركبها أو يحمل عليها فذهب ابن القاسم في المدونة على أنه أحق، وفي غير المدونة لم يكن أحق، ولو كان يدير (¬2) الدابة تحت الراكب. والقول الثاني أن الراكب لا يكون أحق.
فكأن المذهب الأول بناه على أنه إذا سلم إليه دابته فكأنه عيّن حقه فيه (¬3)، فصارت كالمكتراة بعينها.
والمذهب الثاني قدّر فيه أن الكراء إنما (¬4) كان مضمونًا فإنه لا يتعين على حال بدليل أن الدابة القياسلمت إليه لو ماتت في خلال الطريق لكان على ربها خلفها، فأشعر ذلك بانها لا تتعيّن بالتسليم. والدابة المعينة إذا اكتريت وهلكت في الطريق فإن الكراء ينفسخ وليس على ربها خلفها.
وأمّا لو كان الكراء في أرض لزرع، فزرعها المكتري ثم فلس، فإن مذهب مالك وأصحابه أن صاحب الأرض أحق بذلك في الفلس لا في الموت.
وفي المذهب قول آخر: أن صاحب الأرض أحق في الفلس والموت.
¬__________
(¬1) هكذا في النسختين، ولعل الصواب: دابّة.
(¬2) هكذا في النسختين.
(¬3) هكذا في النسختين، ولعل الصواب: فيها.
(¬4) هكذا في النسختين، ولعل الصواب: لمّا.