كتاب شرح التلقين (اسم الجزء: 3/ 1)

صاحب الأرض أجير (¬1) وقلنا: إن صاحب الأرض والأجير يتحاصان، وأن الأجير الأخير مقدم على الأجير الذي قبله، لكان المنصوص في الرواية أن صاحب الأرض والأجير الأخير يتحاصان.
وقد يتخرج على طريقة أخرى أن الأجير يحاص صاحب الأرض بالأجير الذي قبله؛ لأن صاحب الأرض لو انفرد مع الأجير الذي قبله لحاصه، فإنما منع من محاصة الأجير السابق لرب الأرض هذا الأجير المتأخر، فلهذا المتأخر أن ينفرد بسهم هذا الأجير الذي قبله ويحاص به رب الأرض، كما تقول في جد وأخ شقيق: إنهما يقسمان المال نصفين، فلو كان مع الأخ الشقيق أخ لأب أخذ الشقيق ثلث المال وأخذ الجد ثلثه لأن الشقيق يقول للجد: لو انفرد معك الأخ للأب لقاسمك في المال، وإنما عصمك من أن يقاسمك المال وجودي أنا فتكون أحق بما منعك هذا الأخ للأب أن يأخده منك (¬2).

قال القاضي أبو محمَّد عبد الوهاب رحمه الله: وإذا جمع الحاكم مال المفلس ليبيعه، فتلف قبل بيعه، فتلفُه من المفلس. فإن باعه فتلف ثمنه فالتلف من الغرماء، وقيل من المفلس.
وإذا ادعى المديان الفلس، ولم يعلم صدقه ولا ظهرت أمارة بصدقه (¬3)، لم يقبل منه، وحبس إلى أن يتبين (¬4) أمره ومدة الحبس غير مقدرة، وهي موكولة إلى اجتهاد الحاكم. فإذا ثبتت عسرته خلّى سبيله، ولم يكن للغرماء مطالبته، ولا إجارته ولا أخذه بعمل صنعة يكتسب منها، ولا استئناف (تملك إلى أن ييْسر) (¬5). وكل دين ثابت في الذمة يستحق المطالبة
¬__________
(¬1) هكذا في النسختين، ولعل الصواب: أجيران.
(¬2) هي من مسائل المعادّة: يحاسب الشقيق الجدّ بالأخ للأب، فيستحق الجد الثلث، ويعود الشقيق على سهم الأخ للأب فيأخذه، لحجبه.
(¬3) في (م): تصدّقه. وفي الغاني: لصدقه.
(¬4) في (م) والغاني: ينكشف.
(¬5) في الغاني: بملك إلى أن يوسر.

الصفحة 372