كتاب جزء من شرح تنقيح الفصول في علم الأصول - رسالة ماجستير (اسم الجزء: 1)

ثم هيأ الله للأمة قائداً مظفَّراً هو " صلاح الدين الأيوبي " (¬1) الذي دحرهم، وتتبَّع فُلُولهم، ودكَّ جحافلهم، وحرَّرَ بيت المقدس من نَيْر احتلالهم سنة 583هـ (¬2) . وبعد صراعات داخلية بين أبناء صلاح الدين وإخوته حول الحكم ونحوه، انتهز الصليبيون هذه الفرصة فانقضُّوا مرة أخرى على بلاد المسلمين (¬3) .
وفي عام 646هـ جهَّز الصليبيون حملة عظيمة كان القصد منها الاستيلاء على القاهرة، فلما علم بها الملك الصالح نجم الدين أيوب (¬4) - وهو على فراش الموت - أمر بقتالهم. واستولى الصليبيون على دِمْياط (¬5) ، ومات الملك الصالح، فأخفت زوجته خبر وفاته لئلا يَفُتَّ ذلك في عَضُد الجنود. ثم تولى من بعده ابنه توران شاه (¬6) سنة 647هـ، فقاتل الإفرنج حتى هزمهم هزيمة ساحقة، غير أنه قُتِل سنة 648هـ، وبموته انْقَضَتْ دولة بني أيوب في مصر (¬7) .
ولما تسلم المماليك الحكم في مصر والشام كان ما يزال احتلال الصليبيين قائماً لبعض ديار الإسلام، فأَنْهك قواهم السلطان الظاهر بِيْبَرْس (¬8) الذي حكم من سنة
¬_________
(¬1) هو يوسف بن أيوب بن شاذي الكردي أبو المظفر، الملقب بالملك المظفر الناصر صلاح الدين الأيوبي. كان عادلاً وحازماً مجاهداً، قائد معركة حطين، أسَّس الدولة الأيوبية سنة 564هـ بمصر والشام. توفي سنة 589هـ. انظر: وفيات الأعيان لابن خلكان 7 / 139، سير أعلام النبلاء للذهبي 21 / 278
(¬2) انظر: البداية والنهاية 12 / 320
(¬3) انظر: البداية والنهاية 12 / 277
(¬4) هو نجم الدين أيوب بن الكامل ناصر الدين محمد بن العادل سيف الدين أبي بكر الأيوبي، ولد بالقاهرة سنة 603هـ، وملك مصر سنة 637هـ، وبنى المدارس، واشترى المماليك. توفي سنة 647هـ.
انظر: حسن المحاضرة في تاريخ مصر والقاهرة للسيوطي 2 / 34
(¬5) دِمْياط: مدينة عريقة بمصر تقع عند ملتقى النيل بالبحر الأبيض المتوسط. وهي عاصمة محافظة دمياط الآن. انظر: معجم البلدان لياقوت الحموي 2 / 472، المنجد في الأعلام، ص246.
(¬6) هو الملك توران شاه بن الملك الصالح نجم الدين، قَرَّب مماليكه، وأبْعَد مماليك أبيه، فنفرتْ منه قلوبهم، وقتلوه سنة 648هـ. وكانت مملكته شهرين. انظر: حسن المحاضرة 2 / 35
(¬7) انظر: السلوك لمعرفة دول الملوك للمقريزي 1 / 332 - 360
(¬8) هو الملك الظاهر ركن الدين أبو الفتح بِيْبَرْس الصالحي المملوكي، أحد مماليك الملك الصالح نجم الدين أيوب. تولى الحكم بعد قَتْل الملك سيف الدين قُطْز، كان عالي الهمة شديد البأس. توفي سنة 676هـ. انظر: وفيات الأعيان 4 / 155.

الصفحة 18