كتاب جزء من شرح تنقيح الفصول في علم الأصول - رسالة ماجستير (اسم الجزء: 1)

وكانت مصر معقل العلم وموئل العلماء، حتى قال ابن خلدون (¬1) : ((ونحن لهذا العهد، نرى أن العلم والتعليم إنما هو بالقاهرة من بلاد مصر)) (¬2) .
وكانت القاهرة تعجُّ بالمساجد والمدارس ودور العلم، وبهذا تهيأت للشهاب القرافي منذ نعومة أظفاره فرصة تلقي العلم. فقد ذكرت بعض كتب التراجم بأن القرافي كان طالباً بالمدرسة الصاحبية، وكان يُعطى له من ريع وَقْفها، وفي مرةٍ لم يكن حاضراً، فلم يُعْرف اسمه، فكتب الشخص المسؤول عن حصر الغياب ونحوه اسمه بأنه " القرافي "؛ لأنه كان يأتي من تلك الجهة (¬3) . فهذا يعني أنه كان طالباً في هذه المدرسة، وكانت تجري عليه أرزاقها.
ومما يُسجَّل في طَوْر النشأة العلمية للقرافي شدة ملازمته لشيخه الجليل العز بن
عبد السلام منذ وطئت قدماه أرض مصر عام 639 هـ، وكان القرافي وقتذاك في الثالثة عشرة من عمره، فقد لازمه حتى توفي شيخه رحمه الله عام 660 هـ.
¬_________
(¬1) هو: عبد الرحمن بن محمد بن خلدون، ولي الدين الحضرمي الإشبيلي، فيلسوف مؤرخ، عالم بالاجتماع، فقيه مالكي، رحل إلى عدة بلدان تولَّى القضاء في مصر وتوفي بها، من مؤلفاته: العبر وديوان المبتدأ والخبر. . . (تاريخ ابن خلدون) (ط) ، رسالة في المنطق، ملخص المحصول للرازي، وغيرها. ت 808 هـ. انظر: الابتهاج ص 17، الضوء اللامع 4 / 145.
(¬2) مقدمة ابن خلدون 3 / 1025.
(¬3) انظر: الوافي بالوفيات 6 / 233، المنهل الصافي 1 / 215، تاريخ الإسلام للذهبي ص 176.

الصفحة 32