كتاب مبحث الاجتهاد والخلاف (مطبوع ضمن مؤلفات الشيخ محمد بن عبد الوهاب، الجزء الثالث)

أي يطوي السماء كما يطوي السجل على ما فيه من الكتاب؟ قيل: الكلام في تفسيره كالكلام في فتواه وصورتها، إلا أن يكون في المسألة نص يخالفه، ويقول في الآية قولا لا يخالفه فيه أحد من الصحابة، علم اشتهاره أو لم يعلم، وما ذكر من هذه الأمثلة فُقِد فيه الأمران، وهو نظير ما روي عن بعضهم من الفتاوى التي تخالف النص، وهم مختلفون فيها. فإن قيل: لو كان قوله حجة بنفسه لما أخطأ، ولكان معصوما، وإذا كان يفتي بالصواب تارة وبغيره أخرى، فمن أين لكم أن هذه من قسم الصواب؟. قيل: الأدلة المتقدمة تدل كل انحصار الصواب في قوله في الصورة المفروضة الواقعة، وهو أن من المقنع أن يقولوا في كتاب الله (الخطأ المحض، ويمسك الباقون عن الصواب، فإن قولهم لم يكن بمجرده حجة، بل بما انضاف إليه من القرائن.
فإن قيل: فبعض ما ذكرتم يقتضي أن التابعي إذا قال قولا، ولم يخالفه صحابي ولا تابعي أن يكون حجة؟
فالجواب: أن التابعين انتشروا انتشارا لا ينضبط، ولا يكاد يغلب على الظن عدم المخالف.
وقد اختلف السلف: فمنهم من يقول: يجب اتباع التابعي فيما أفتى به كذلك، ومن تأمل كتب الأئمة ومن بعدهم، وجدها مشحونة بالاحتجاج بتفسير التابعي.

الصفحة 35