كتاب شرح التلقين (اسم الجزء: 3/ 2)

عبده المرهون لهلك العبد، وبهلاكه يبطل حق المرتهن في التوثُق بدينه، فعلى الراهن إتمام التوثق بالرهن الذي دخل معه المرتهن عليه. وكأن من رأى أنه لا يجبر على ذلك يقول: لو مات العبد المرهون لم يكن على الراهن أن يُخْلفه، أو يأتي برهن آخر بدلَه, لأنه إنما التزم رهنَ عيْن، فإذا هلكتْ العين بأمر من الله سبحانه لم يلزمه أن يأتي ببدلها, لأن ذلك لم يلتزمه في أصل عقد الرهن.
وكذلك الاسترمام لِما خُرِم من الربْع كأنه تعويض عن بدل عيْن هلكت من الله سبحانه، وإن حدث بعد عقد الرهن (¬1) لم يدخل عليه الراهن، بخلاف نفقة العبد فإنه يعلم حين عقد الرهن أنه لابذ لعبده من الإنفاق، فكأنه دخل على التزام ذلك، وكذلك ينبغي لو أرتهن تخلا، وشأنُها أن تُسْقى، ولابد للراهن من سقيها، فإن الراهن يُجبر على سقيها كنفقة العبد، بخلاف ما يحدث في الرهن بعوإنعقاد وحيازة المرتهن. والتحقحق في ذلك الالتفات إلى العوائد التي دخل عليها الراهن والمرتهنُ فيما قارن العقد، وفيما حدث بعده.
وقد وقع في الروايات أن الرهن إذا كان من الأثقال، التي تححّاج إلى اختزان لا بد فيه من إجارة، فإن ذلك يلزم الراهنَ. وكأنه لما قارن العقد الحاجةُ إليه فكأن الراهن التزمه في حين العقد.
وقد اختلف أيضًا في الرهن إذا احتيج إلى بيعه، ولا يتوصل إلى بيعه إلا بإجارة سمسار فقال ابن القاسم: إجارة السمسار على المرتهن. وروى ذلك عنه عيسى وأصبغ، وخالفاه فيما روياه فقالا: بل إجارة السمسار على الراهن.
فكأن ابن القاسبم رأى أن بيع الرهن لمنفعة المرتهن وتناول حقه منه، ولا منفعة فيه للراهن، فكانت أجرة ذلك لمن انتفع. بخدمة السمسار، والذي انتفع به هو المرتهن دون الراهن.
ومن خالفه في ذلك رأى أن على الراهن قضاء الدين الذي عليه، فعليه أن يصيّر الدين من جنس الدين الذي عليه، ولا يُنال ذلك إلا ببيعه، فكان ذلك نيابة
¬__________
(¬1) هكذا ولعل الصوإب إضافة: وَ.

الصفحة 448