كتاب شرح التلقين (اسم الجزء: 3/ 2)

والجواب عن السؤال السادس (¬1) أن يقال:
ذكر القاضي أبو محمَّد عبد الوهاب ها هنا حكم الإقرار بقبض الرهن، وكان الترتيب عندنا يقتضي أن يلحقه بالفصل المشتمل على أحكام الحيازة، ولكن أخرناه إلى حيث آخره.
وهي مسألة اختلاف بين فقهاء الأمصار.
فمذهبنا أن الحوز لا يكفي فيه ولا يثبت حكمه بمجرد إقرار الراهن أن المرتهن قد حازه عنه، وتصديق المرتهن له في ذلك إذا كان مما يُنْقل ويفتقر إلى مشاهدة فراغه من منافع الراهن، على حسب ما قدمنا تفصيله. وإنما ذهبنا إلى ذلك لأجل أن الأصل أخذ كل مُقرّ من الحائز في الأمر بإقراره في حقوق الخلق، ما لم يتعلق بإقراره مضرةٌ غير ميق أقرّ له بالحق، ويكون الإقرار مبطلًا لحق رجل غير من أقرّ له. وهاهنا لو اقتصرنا على مجرد إقرار الراهن بالقبض لأدّى ذلك إلى الاستغناء عن الإقباض ومعاينة الحوز. وقد قدمنا فيما سلف أن العلة في افتقار الرهن والهبات إلى الحيازات تصوّرُ التهمة في إبطال حقوق غير المقرّ (¬2) بأن يُؤْثِر غريمًا على سواه من الغرماء فيقول: كنتْ رهنته كذا وكذا، ولا يحاصّه الغرماء فيه، ويكون إقراره مبطلًا لحقهم في الديون التي لهم عليه.
وهذا يقتضي اشتراط ما يدفع هذه التهمة وما ذلك إلا معاينة الحيازة وشهادة البيّنة بها.
وأصل الشافعي اطّراح اتّهام الناس. والاضراب عن حماية الذرائع جَعَل مجردَ الإقرار كافيًا في صحة الحيازة، تغليبًا لحقّ المقرّ له، وإعراضًا عما يُتَّهم به في حق من لم يُقرّ له.
فإن قيل: هلا فصّلتم القول في هذا كما فصّلتموه في إقرار المريض
¬__________
(¬1) هذا السؤال لم يذكر في تعداد الأسئلة ويمكن صياغته: ما حكم الإقرار بقبض الرهن؟
(¬2) هكذا, ولعل الصواب: المقرّ [له].

الصفحة 453