كتاب شرح التلقين (اسم الجزء: 3/ 2)

ذلك مائة أخرى على أن يدفع رهنًا بالمائة الثانية والمائة الأولى، فإن ذلك لا يجوز لكونه سلفًا جرّ منفعة، وإنما أسلف المائة الثانية لانتفاعه بأنه تولق في المائة الأولى بالرهن بعد أن كانت بغير رهن. فأما المائة الأولى فتبقى على ما كان (¬1) عليه بغير رهن, لأنه إنما دفع الرهن بها لمنفعته بالمائة الثانية. فإذا أبطلنا السلف في المائة الثانية ومنعْناه لم يصح في المائة الأولى رهنًا. لكن اختلف قول اين القاسم في هذا الرهن هل يبقى جميعهُ رهنًا بالمائة الثانية حتى يردها قابضها، أو يُفَضّ الرهن على المائتين جميعًا، فيبطل نصفه وهو ما قابل
المائة الأولى، ويبقى نصفه رهنًا بالمائة الثانية. وهكذا ذكر في المدونة، وذكر في غيرها أن جميع الرهن يبقى رهنًا بالمائة الثانية. وهذا الذي اختار ابن المواز في كتابه بعد أن ذكر المذهب الآخر، وأشار إلى أن ذلك كأخذه رهنًا بعبدين، فاستُحِق أحدهما أو رده أحدٌ بعيب فإن جميع العبد (¬2) يبقر رهنًا بالعبد الآخر.
وبعض أشياخي حاول أخذ الخلاف فيما ذكرناه من استحقاق أحد العبدين، ويراه جاريًا على القولين المتقدمين.
وكذلك لو تزوج امرأة بمائة دينار، ثم طلقها قبل الدخول وقد كان دفع إليها رهنًا بالمائة، فسقط بالطلاق نصفها وهي الخمسون دينارًا، فإن الرهن يجري على القولين المذكورين، هل يبقى جميعه رهنًا بالخمسين الثانية بعد الطلاق، أو يسقطى نصف الرهن بسقوط نصف الصداق؟
وهذا الذي أجراه على القولين ينبغي، عندي، أن يلتفت إلى الاختلاف المشهور في الصداق: هل وجب كله بالعقد، فيحسن ها هنا بقاء جميع الرهن رهنًا بالخمسين الثانية، وإن قلنا: إن نصفه مترقَّب، ولا يثبت ويستقر إلا بالدخول حسن ها هنا الالتفات إلى الخلاف الذي ذكرناه لاختلاف حكم
¬__________
(¬1) هكذا, ولعل الصواب: كانت.
(¬2) هكذا, ولعل الصواب: الدين.

الصفحة 456