كتاب شرح التلقين (اسم الجزء: 3/ 2)

يُخرِج ما أخرج من يده بسبب هذا الرهن ولا لثقته به فيكون أحق به من غيره.
وهكذا قال ابن حبيب في الرهبان الفاسدة: إنها إذا كانت بعد العقود لا يكون قابضها أحق بها من الغرماء لأنه لم يخرج من يده بسببها شيئًا، وقد قال في المدونة، في كتاب الحمالة، فيمن دفع لرجل مافة دينار إلى شهر من غير رهن أخده، ثم دفع إليه رهنًا على أن يؤخره بها شهرًا آخر: إن ذلك لا يجوز, لأن التأخير سلف، والتطوع بالرهن منفعة حصلت لمؤخر الدين، وسلف جر منفعة لا يجوز. وقال غيره: إنه لا يكون أحق بهذا الرهن من الغرماء. ذكر ذلك قولًا مطلقًا. وقال في الموازية، قولًا مفيدًا: إنه لا يكون أحق به من الغرماء إلا أن يدخل في الشهر الثاني الذي أخده إليه بسبب الرهن فيكون أحْق بالرهن حينئذ، لأنه كمن أخرج من يده شيئًا بسبب الرهن.
وأشار بعض الأشياخ إلى أن هذا الذي في الموازية خلافٌ لما في المدونة، وأن الذي في الموازية أوْلى للعلة التي ذكرناها.
واعلم أن هذا الرهن، إن كان فاسدًا، فإنه يجري في الضمان مجرى الرهبان "الصحيحة" فيضمنه قابضه (¬1) أن يجل الأجل، إن كان مما يغاب عليه، ولم تقم بينة بضياعه، على أصل ابن القاسم، ولا يضمنه إذا قامت البينة، وكذلك لا يضمنه إذا كان مما لا يغاب عليه، وإنما هذا لأنه قبل الأجل مقبوض مَحوز على جهة الرهن، لا على جهة الملك، فإذا حل الأجلِ تغيّر القصد بالحوز والنية فيه، فحازه قابضه على أنه ملك له، وثمنه الذي دَفع وقبضه على جهة الملك، وإن كان فاسدًا، فيضمنه حينئذ، كان مما يغاب عليه أوْ لا يغاب عليه، شهدت بتلفه بينة أو لم تشهد. ويجري ذلك مجرى البيوع إذا قُبِضت.
هذا المشهور من المذهب.
وإن فات هذا الرهن بعد حلول الأجل غرم قيمته يوم حل الأجل، لأنه حينئذ قابض له، وتقويم السلعة المبيعة بيعًا فاسدًا إنما يعتبر فيه يوم القبض.
¬__________
(¬1) هكذا, ولعل الصواب إضافة: [إلى] أن ...

الصفحة 460