كتاب شرح التلقين (اسم الجزء: 3/ 2)

هذا المشهور من المذهب في هذه المسألة. وقد ذكر إسماعيل القاضي في المبسوط عن ابن محمد الحكم أنه قال: إنما يضمن هذا الرهنَ قابضُه بعد الأجل يوم أفاته، بإعتاق في العبد، أو بناء في الربع، أو هدم، فيومئذ يُعتبر فيه القيمة.
ورآه بخلاف أحكام البيوع، في المشهور من المذهب عندنا، وما ذاك إلا أن أصل قبضه على معنى الرهبان لا على معنى البياعات الفاسدة. وقد علم أنه قبل حلول الأجل إنما يُضمن ضمان الرهبان، فكذلك بعد الأجل لا تجب فيه القيمة إلا حين أفاته قابضه، فيصير كالرهن إنما يغرم قيمة المرتهَن يوم أفاته، فكأنه رأى أن تبديل النية وتغيُّرها فيما قبْل الأجل، وبعد الأجل لا يجري مجرى القبض الحسّي في البياعات الفاسدة. هذا الذي يمكن عندي أن يُوَجَّهَ به ما قال.
وقد ذكر ابن المواز أن المشهور من المذهب في هذه المسألة أنه يُضمن بقيمته يوم حل الأجل. قال: وقد قيل: يضمن قيمته يوم الفوت.
ولكنه لم يصرح بحقيقة الفوت، هل من فعل قابض هذا الرهن إذا هو فوَّت الرهن (¬1) من قبل الله سبحانه. فإن كان أراد أن الفوت من قبل قابض هذا الرهن، فهو الذي حكيناه عن المبسوط. وقد ذكر ابن عبدوس عن ابن عبد الحكم أنه يغرم قيمته يوم الفوت، وقيل: يوم حل الأجل. فإن كان هذا الرهن المشترَط فيه هذا الشرط الفاسد موقوفًا على يد عدل، وحل الأجل وهو في يديه، فإن المذهب على قولين، هل يضمنه دافع الدين يوم حل الأجل أم لا؟ فكأن من رأى أنه لا يضمنه دافع الدين عند حلول الأجل إذا كان الرهن في يد عدل قدّر أنه لم يحصل لدافع الدين إلا إذنُ مالك الرهن لدافع الدين بقبضه من يد العدل، وإذنُه كلا إذن لمّا أَذِن بما لا يجوز، وأمر بما نهى الله سبحانه عنه، فصار دافع الدين لم يحصل منه القبض، وإنما حصل منه التمكين من القبض، وهو تمكين لا يسوغ، وما لا يسوغ فكالعدم، فلهذا لا يضمنه. بخلاف إذا حل
¬__________
(¬1) هكذا, ولعل الصواب إضافة: [أو] مِنْ قِبَل ...

الصفحة 461