كتاب شرح التلقين (اسم الجزء: 3/ 2)

لذلك من العدول مما نفى (¬1) عنه تهمة الخيانة في الثمن، أو النقص في الاجتهاد. وأسقط أشهب، فيما رواه عن مالك، عنه المطالعة في رهن يخشى فساده إن أبْقي للمطالعة.
فإن وكّل الراهن وكيلًا على البيع في أصل الرهن، فلا يخلو أن يكون هذا الوكيل هو العدل الذي تراضيا بوقف الرهن على يديه، أو هو المرتهن نفسه فإن كان الوكيل على بيع الرهن هو العدل الموقوف ذلك على يديه، فإن ذلك جائز عند فقهاء الأمصار. وإن كان الوكيل هو المرتهن، فقال ابن القصار وغيره من البغداديين: يجوز ذلك عند مالك رضي الله عنه، وإليه صار غيره من البغداديين، وهو مذهب أبي حنيفة.
وذهب الشافعي إلى منع كون المرتهن وكيلًا على البيع، ولم يُجز اشتراط ذلك.
وقد روي عن مالك أنه لم يُبح للمرتهن بيع هذا الرهن الذي جعل بيعه إليه إلا بعد مطالعة الحاكم إن لم يرض الراهن بالوفاء بالشرط، وامتنع من ذلك، ولم يفرق بين كون الرهن له قدْر وبال، أو كونه حقيرًا لا قدر له ولا بال، ولا كونه بيد المرتهن أو بيد عدل. لكنه، في هذه الرواية, رأى أنه، وإن كان منهيًا عن ذلك، فإنه إذا باعه بنفسه من غير مطالعة وأخذ بموجب الشرط نُفِّذ بيعه. ورُوي ذلك عن ابن القاسم أيضًا أد ذلك إنما يجوز له في الرهبان المحتقَرة التي لا قدر لها ولا بال، وأمّا ما له قدر وبال من الرهبان فإنه يفتقر في بيعه إلى استئذان الحاكم وأمره به، فإن لم يفعل فإن بيعه يفسخ ما لم يفُتْ. واختلف قول ابن القاسم في فسخه، كاختلاف قول غيره، كما حكاه عنه، لكونه انفرد بأن قال عن نفسه: ما لم يفت، فإن فات كان فيه الأكثر من الثمن أو القيمة.
وقد ذكرنا أن البغداديين من أصحابنا أجازوا له الأخذ بهذا الشرط، وأن ينتفع من غير مطالعة، فصار المحتقَر من الرهبان يُنفَّذ البيع فيه دون اعتبار الفوات بغير خلاف عندنا، وإنما خالف فيه الشافعي، وما كان له قدر وبال من
¬__________
(¬1) هكذا, ولعل الصواب: ما يَنْفي.

الصفحة 464