كتاب شرح التلقين (اسم الجزء: 3/ 2)

ولو كان الرهن بعد عقد البيع والسلف، فشرط الراهن أن للمرتهن الانتفاع به بإجارة، يجري ذلك على أحد القولين، فيمن عليه دين مؤجّل، فعامل من له الدين ببيع على النّقد. وذلك مذكرر في كتاب البيوع، ولأنه يتوفى منه في المسامحة هدية المديان، والزيادةُ، على حسب ما تقدم ذكره.
وإذا صح حكم جواز اشتراط المنفعة في الرهن، على التفصيل الذي ذكرناه، ومنْع الشافعية ذلك على الإطلاق، فقد علمت أنّ هذا الرهن امتزج فيه حكمان متنافيان في أحكام الضمان، وقد عملت أن الرهن إذا كان مما يغاب عليه فإنه مضمون، كما تقدم بيانه، والمستأجَر للانتفاع به غير مضمون، على ما يذكر في كتاب الإجارات.
وإذا ادّعى، هذا المرتهن لما يغاب عليه، وقد اشتوط المنفعة،: أنه ضاع، فهل يصدق في دعواه الضياع ويسقط عنه الضمان تغليبًا لحكم الإجارات، أو لا يصدق في ذلك، ويجب عليه الضمان، تغليبًا الأحكام الرهبان؟ فبسبب هذا الامتزاج في هذين الحكمين وقع الإشكال: ما الذي يغلب متهما على صاحبه: هل حكم الرهبان فلا يضمن؟
من الأشياخ من غلب حكم الرهبان وأوجب الضمان، ومنهم من غلب حكم الإجارة فأسقط الضمان، ومنهم من أفرد كل واحد بحكمه ورأى أن الأجزاء التي تنتَهك وتنعدم بالاستخدام لا تضمن، حتى لو اشترط منفعة لباس الثوب شهرًا وادّعى ضياعه، بعد يوم من يوم أخذه، فإنه يسقط عنه مقدار ما يُنقص الثوبَ اللباسُ. فإن نقصه في هذا الشهر ربع قيمته، رجع بمقدار ذلك على الراهن، من غير المبيع له، في قيمته لأجل ضرر الشركة. ولو لم يذعِ الضياعَ إلا بعد فراغ لكان في ذلك القولان المذكوران في كتاب الجُعْل والإجارة: هل تلزمه الإجارة كاملة، وإن سقط عنه ضمان العين أمْ لا تلزمه الإجارة، ويصذَق في سقوط الثمن كما صدق في ضياع عينِ مالٍ مستأجَرةٍ؟ وأشياخي الذي شافهتهم على المسألة، يعتبرون المقصود في هذا العقد، هل

الصفحة 473