كتاب شرح التلقين (اسم الجزء: 3/ 2)

ويكون حقيرًا، فلولا أن قوله "عظيم" أفاد رفع هذا الاحتمال وهو كون المال حقيرًا قليلًا، ما حسن النظر به. ألا ترى أن قولهم: رأيت رجلًا طويلًا، أفاد هذا الوصف زيادة فائدة لم تكن في الإطلاق، إذ (¬1) قال: رأيت رجلًا، وهو رفع الاحتمال أن يكون رأى رجلًا قصيرًا. فكذلك إذا قال: له عندي مال عظيم، يجب أن تكون لهذه الزيادة فائدة، وإلا فيكون قوله: "عظيم" كقوله حقير، ويكون هذا من جنس ما لا ينطلق (¬2) به عاقل.
هذا حكم إقراره بمال مطلقًا أو مقيدًا موصوفًا.
وأما إن وقع الإجمال من ناحية العدد لا من ناحية الجنس، مثل أن يقول: لزيد عليّ دراهم، أو يقول: لزيد عندي دينار (¬3).فإن هذا أيضًا لا يخلو من أن يكون الناطق بهذا اللفظ نطق به مطلقًا، أو نطق به مقيدًا، بأن يقول: له عندي دراهم كثيرة.
فأما إن أطلق القول فقال: لزيد عندي دراهم، فإن ذلك يحمل على ثلاثة دراهم. وكذلك إن قال: له عندي دينار (1)، فإنه يحمل على ثلاثة دنانير لأن ذلك هو العرف في الاستعمال عند الناس. قال ابن سحنون: وهذا إجماع فيما علمت.
وكذلك لو صغر الجمع فقال: له عندي دنينرات، فإنه يقضى عليه بثلاثة، لحصول صيغة الجمع، ولا يبالَى بصيغة الجمع إذا حصلت، كانت مصغرة أو غير مصغرة.
وأما إن قال: له عندي دراهم كثيرة، أو قال: له عندي دنانير كثيرة. فإنه اختلف في هذا الوصف: هل له زيادة فائدة على ما أفاده الإطلاق فيقبل منه تفسيره أنه أراد ثلاثة لا أكثر منها؟ هذا مما اختلف فيه أيضًا مذهب الشافعي
¬__________
(¬1) هكذا في النسختين، ولعل الصواب: إذًا.
(¬2) هكذا في النسختين، ولعل الصواب: ينطق
(¬3) هكذا في النسختين، ولعل الصواب: دنانير.

الصفحة 83