كتاب جزء من شرح تنقيح الفصول في علم الأصول - رسالة ماجستير (اسم الجزء: 2)

لم يكن ذلك حكماً شرعياً بل إخْبارٌ عن عدم الحكم (¬1) .
والجنوح إلى مفهوم الصفة هو (¬2) قول القاضي عبد الجبار، وهو مع تدقيقه قد فاته هذا الموضع (¬3) .
ومثال ما لا يجزئ بعد الزيادة: أن الصلاة فُرضتْ مَثْنَى مَثْنَى كما جاء في الحديث (¬4) ، فلما زيد في صلاة الحضر ركعتان، بقيت الركعتان الأوليان (¬5) لا تجزئان (¬6) بدون هذه الزيادة.
ومثال ما يجزئء منفرداً بعد الزيادة: زيادة التغريب بعد الجلد (¬7) ، فإن الإمام لو
¬_________
(¬1) في كلام المصنف هذا نظر - والله أعلم - لأنه ممن يرى أن مفهوم المخالفة أو دليل الخطاب حجة، فالحكم المستفاد منه يكون شرعياً لا عقلياً، ولهذا قال الآمدي: ((هذا على القول بإبطال دليل الخطاب، وإن سلمنا أن دليل الخطاب حجة، وأنه يدل على نفي الزكاة عن المعلوفة، فلا يخفى أن وجوب الزكاة فيها يكون رافعاً لما اقتضاه دليل الخطاب فيكون نسخاً)) . الإحكام 3 / 172. على أن القول بالنسخ يمكن أن يُدْفع بأن يُعْتبر قوله ((في الغنم - مطلقاً - الزكاة)) عاماً عَارَضَ مفهومَ قولِهِ ((في الغنم السائمة زكاة)) ، فمن العلماء من يخصِّص العمومَ بالمفهوم، وفي هذا إعمالٌ للدليلين، ومنهم من يقدِّم العام لأنه منطوق ولا يَعْمل بالمفهوم لأنه أضعف. انظر: شرح التنقيح (المطبوع) ص 215، 270، وانظر: نثر الورود للشنقيطي 1 / 307.
(¬2) ساقطة في س.
(¬3) هذا وهم - والله أعلم - من المصنف، لأن مذهب القاضي عبد الجبار هو المذهب الرابع وهو: إذا لم يُجْزئ الأصل بعد الزيادة فنسخ وإلا فلا. كما حكاه عنه جمع كثير من الأصوليين. انظر: المعتمد
1 / 405، المحصول للرازي 3 / 264، الإحكام للآمدي 3 / 261، الإبهاج للسبكي وابنه 2/285. علماً بأن القاضي عبد الجبار وجمهور المعتزلة لا يقولون بمفهوم الصفة ولا الشرط أصلاً. انظر: المعتمد
1 / 142، 154.
(¬4) وهو حديث عائشة رضي الله عنها قالت: فرض الله الصلاة حين فرضها ركعتين ركعتين في الحضر
والسفر، فأُقِرَّتْ صلاة السفر، وزيد في صلاة الحضر. رواه البخاري (350) واللفظ له، ورواه مسلم
(685) .
(¬5) في ق، ن: ((الأولتان)) والصواب المثبت كما سبق تعليله في هامش (4) ص (106) .
(¬6) في س: ((لا يجزئان)) والصواب المثبت؛ لأن تاء التأنيث تلْزَم الفعل إذا كان فاعله المؤنث ضميراً متصلاً. قال ابن مالك في الألفية: وإنما تلْزَمُ فِعْلَ مُضْمَرِ مُتَّصِلٍ أو مُفْهِمٍ ذاتَ حِرِ
انظر: شرح ابن عقيل 1 / 228.
(¬7) انظر: مفتاح الوصول للشريف التلمساني ص 599، تخريج الفروع على الأصول للزنجاني ص 51. وانظر: المبسوط للسرخسي 9 / 43، الذخيرة للقرافي 12 / 88، الحاوي الكبير للماوردي 13/ 193، المغني لابن قدامة 12 / 322.

الصفحة 109