كتاب جزء من شرح تنقيح الفصول في علم الأصول - رسالة ماجستير (اسم الجزء: 2)

اقتصر على الجلد واسْتَفْتى بعد ذلك، فقيل له: لابد من التغريب، فإنه لا يحتاج إلى إعادة الجلد مرةً أخرى، بخلاف المُصلِّي يحتاج إلى إعادة الجميع، ووجه الفرق على هذا المذهب: أن الأصل إذا لم يُجْزيءْ بعد الزيادة اشتدَّ التغيير فكان نسخاً، بخلاف القسم الآخر، التغيير فيه قليل.
وأما على أصلنا فهذه (¬1) الصور كلها ليست نسخاً، أما التغريب فلأنه رافع [لعدم وجوبه] (¬2) ، وعدم الوجوب حكم عقلي، [ورفع الحكم العقلي ليس] (¬3) نسخاً. وتقييد الرقبة بالإيمان رافع (¬4) لعدم لزوم تحصيل الإيمان فيها (¬5) ، وذلك حكم عقلي، وإباحة قطع الساق في الثانية (¬6)
ليست نسخاً، لأنه رافع لعدم الإباحة وهو حكم عقلي فلا يكون نسخاً.
فإن قلتَ: الآدميُّ وأجزاؤه محرَّم مطلقاً، وهذا التحريم حكم شرعي فيكون نسخاً [لِمَا رُفِع] (¬7) .
قلتُ: لنا هاهنا مقامان، أحدهما: أن ندَّعي أن الأصل في الآدمي وغيره عدم الحكم لا تحريم ولا إباحة؛ لأنه الأصل في أجزاء العالم كلها حتى وردت الشرائع،
¬_________
(¬1) في س: ((هذه)) وهو خطأ؛ لعدم اقترانها بالفاء في جواب الشرط. انظر هامش (2) ص (79) .
(¬2) في س: ((للعدم)) .
(¬3) في ق: ((ورفعه لا يكون)) .
(¬4) في ن: ((رافعاً)) ولست أعلم لانتصابها وجهاً.
(¬5) انظر الخلاف في اشتراط الإيمان في الرقبة في: بدائع الصنائع للكاساني 6 / 396، رد المحتار ابن عابدين
5 / 135، الذخيرة للقرافي 4 / 64، شرح الزرقاني على مختصر خليل 4 / 175، الحاوي الكبير للماوردي 10 / 461، الروض المربع للبهوتي ص 417، المغني لابن قدامة 13 / 517.
(¬6) تقطع يد السارق في المرة الأولى عملاً بقوله تعالى: {وَالسَّارِق وَالسَّارِقَة فَاقْطَعُواْ أَيْدِيَهُمَا} [المائدة: 38] ، فإذا سرق مرة ثانية تقطع رجله اليسرى، وفي المرة الثالثة خلاف في القطع أو الحبس.

انظر الخلاف في المسألة: شرح فتح القدير لابن الهمام 5 / 382، الذخيرة 12 / 197، الحاوي الكبير للماوردي 13 / 321، المغني لابن قدامة 12 / 439، 446.
(¬7) في س: ((لأنه ارتفع)) وهو ساقط من ق.

الصفحة 110